السابعة - قوله تعالى: (وارزقوهم فيها واكسوهم) قيل: معناه اجعلوا لهم فيها أو افرضوا لهم فيها. وهذا فيمن يلزم الرجل نفقته وكسوته من زوجته وبنيه الأصاغر. فكان هذا دليلا على وجوب نفقة الولد على الوالد والزوجة على زوجها. وفي البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصدقة ما ترك غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول تقول المرأة إما أن تطعمني وإما أن تطلقني ويقول العبد أطعمني واستعملني ويقول الابن أطعمني إلى من تدعني)؟ فقالوا: يا أبا هريرة، سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، هذا من كيس (1) أبي هريرة!. قال المهلب:
النفقة على الأهل والعيال واجبة بإجماع، وهذا الحديث حجة في ذلك.
الثامنة - قال ابن المنذر: واختلفوا في نفقة من بلغ من الأبناء ولا مال له ولا كسب، فقالت طائفة: على الأب أن ينفق على ولده الذكور حتى يحتلموا، وعلى النساء حتى يتزوجن ويدخل بهن.
فإن طلقها بعد البناء أو مات عنها فلا نفقة لها على أبيها. وإن طلقها قبل البناء فهي على نفقتها.
التاسعة - ولا نفقة لولد الولد على الجد، هذا قول مالك. وقالت طائفة: ينفق على ولد ولده حتى يبلغوا الحلم والمحيض. ثم لا نفقة عليه إلا أن يكونوا زمني، وسواء في ذلك الذكور والإناث ما لم يكن لهم أموال، وسواء في ذلك ولده أو ولد ولده وإن سفلوا ما لم يكن لهم أب دونه يقدر على النفقة عليهم، هذا قول الشافعي. وأوجبت طائفة النفقة لجميع الأطفال والبالغين من الرجال والنساء إذا لم يكن لهم أموال يستغنون بها عن نفقة الوالد، على ظاهر قوله عليه السلام لهند: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف). وفي حديث أبي هريرة (يقول الابن أطعمني إلى من تدعني؟) يدل على أنه إنما يقول ذلك من لا طاقة له على الكسب والتحرف. ومن بلغ سن الحلم فلا يقول ذلك، لأنه قد بلغ حد السعي على نفسه والكسب لها، بدليل قوله تعالى: (حتى إذا بلغوا النكاح) الآية. فجعل بلوغ النكاح حدا في ذلك. وفي قوله (2) (تقول المرأة إما أن تطعمني وإما أن تطلقني) يرد على من قال:
لا يفرق بالاعسار ويلزم المرأة الصبر، وتتعلق النفقة بذمته بحكم الحاكم. هذا قول عطاء