قلت: أما قول الثعلبي (ما قاله غيره) فقد الدارقطني في سننه عن زيد بن أسلم، وهو قول جابر بن زيد، فهذان إمامان من علماء المسلمين وأئمتهم قد سبقا الشافعي إليه.
وأما ما ذكره ابن العربي من الحصر وعدم الصحة فلا يصح. وقد ذكرنا: عال الامر اشتد وتفاقم، حكاه الجوهري. وقال الهروي في غريبيه: (وقال أبو بكر: يقال عال الرجل في الأرض يعيل فيها أي (1) ضرب فيها. وقال الأحمر: يقال عالني الشئ يعيلني عيلا ومعيلا إذا أعجزك). وأما عال كثر عياله فذكره الكسائي وأبو عمر الدوري وابن الأعرابي. قال الكسائي أبو الحسن علي بن حمزة: العرب تقول عال يعول وأعال يعيل أي كثر عياله.
وقال أبو حاتم: كان الشافعي أعلم بلغة العرب منا، ولعله لغة. قال الثعلبي المفسر: قال أستاذنا أبو القاسم بن حبيب: سألت أبا عمر الدوري عن هذا وكان إماما في اللغة غير مدافع فقال: هي لغة حمير، وأنشد:
وإن الموت يأخذ كل حي * بلا شك وإن أمشى وعالا يعني وإن كثرت ماشيته وعياله. وقال أبو عمرو بن العلاء: لقد كثرت وجوه العرب حتى خشيت (2) أن آخذ عن لاحن لحنا. وقرأ طلحة بن مصرف (ألا تعيلوا) وهي حجة الشافعي رضي الله عنه. قال ابن عطية: وقدح الزجاج وغيره في تأويل عال من العيال بأن قال:
إن الله تعالى قد أباح كثرة السراري وفي ذلك تكثير العيال، فكيف يكون أقرب إلى ألا يكثر العيال. وهذا القدح غير صحيح، لان السراري إنما هي مال يتصرف فيه بالبيع، وإنما [العيال (3)] القادح الحرائر ذوات الحقوق الواجبة. وحكى ابن الأعرابي أن العرب تقول: عال الرجل إذا كثر عياله.
الرابعة عشرة - تعلق بهذه الآية من أجاز للمملوك أن يتزوج أربعا، لان الله تعالى قال:
(فانكحوا ما طاب لكم من النساء) يعني ما حل (مثنى وثلاث ورباع) ولم يخص عبدا من حر.
وهو قول داود والطبري وهو المشهور عن مالك وتحصيل مذهبه على ما في موطئه، وكذلك روى عنه ابن القاسم وأشهب. وذكر ابن المواز أن ابن وهب روى عن مالك أن العبد لا يتزوج إلا اثنتين، قال وهو قول الليث. فال أبو عمر: قال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري