ألا تقسطوا في اليتامى) إلى قوله: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة). وذلك يوجب تناسق الضمائر وأن يكون الأول فيها هو الاخر.
الثانية - هذه الآية تدل على وجوب الصداق للمرأة، وهو مجمع عليه ولا خلاف فيه إلا ما روي عن بعض [أهل العلم (1)] من أهل العراق أن السيد إذا زوج عبده من أمته أنه لا يحجب فيه صداق، وليس بشئ، لقوله تعالى: (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) فعم. وقال:
(فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعرف (2)). وأجمع العلماء أيضا أنه لاحد لكثيره، واختلفوا في قليله على ما يأتي بيانه في قوله: (وآتيتم إحداهن قنطارا (3)). وقرأ الجمهور (صدقاتهن) بفتح الصاد وضم الدال. وقرأ قتادة (صدقاتهن) بضم الصاد وسكون الدال. وقرأ النخعي وابن وثاب بضمهما والتوحيد (صدقتهن).
الثالثة - قوله تعالى: (نحلة) النحلة والنحلة، بكسر النون وضمها لغتان. وأصلها من العطاء، نحلت فلانا شيئا أعطيته. فالصداق عطية من الله تعالى للمرأة. وقيل: (نحلة) أي عن طيب نفس من الأزواج من غير تنازع. وقال قتادة: معنى (نحلة) فريضة واجبة.
ابن جريج وابن زيد: فريضة مسماة. قال أبو عبيد: ولا تكون النحلة إلا مسماة معلومة.
وقال الزجاج: (نحلة) تدينا. والنحلة الديانة والملة. يقال: هذا نحلته أي دينه. وهذا يحسن (4) مع كون الخطاب للأولياء الذين كانوا يأخذونه في الجاهلية، حتى قال بعض النساء في زوجها:
* لا يأخذ الحلوان من بناتنا * تقول: لا يفعل ما يفعله غيره. فانتزعه الله منهم وأمر به للنساء. و (نحلة) منصوبة على أنها حال من الأزواج بإضمار فعل من لفظها تقديره أنحلوهن نحلة. وقيل: هي نصب على التفسير. وقيل: هي مصدر على غير الصدر في موضع الحال.
الرابعة - قوله تعالى: (فان طبن لكم عن شئ منه نفسا) مخاطبة للأزواج، ويدل بعمومه على أن هبة المرأة صداقها لزوجها بكرا كانت أو ثيبا جائزة، وبه قال جمهور الفقهاء. ومنع مالك من هبة البكر الصداق لزوجها وجعل ذلك للولي مع أن الملك لها.