ولقد أحسن من قال:
أصبر على حسد الحسو * د فإن صبرك قاتله فالنار تأكل بعضها * إن لم تجد ما تأكله وقال بعض أهل التفسير في قول الله تعالى: (ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين (1)). إنه إنما أراد بالذي (2) من الجن إبليس والذي من الانس قابيل، وذلك أن إبليس كان أول من سن الكفر، وقابيل كان أول من سن القتل، وإنما كان أصل ذلك كله الحسد. وقال الشاعر:
إن الغراب وكان يمشي مشية * فيما مضى من سالف الأحوال حسد القطاة فرام يمشي مشيها * فأصابه ضرب من التعقال الثانية - قوله تعالى: (فقد آتينا) ثم أخبر تعالى أنه آتي آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتاهم ملكا عظيما. قال همام بن الحارث: أيدوا بالملائكة. وقيل: يعني ملك سليمان، عن ابن عباس. وعنه أيضا: المعنى أم يحسدون محمدا على ما أحل الله له من النساء فيكون الملك العظيم على هذا أنه أحل لداود تسعا وتسعين امرأة ولسليمان أكثر من ذلك.
واختار الطبري أن يكون المراد ما أوتيه سليمان من الملك وتحليل النساء. والمراد تكذيب اليهود والرد عليهم في قولهم: لو كان نبيا ما رغب في كثرة النساء ولشغلته النبوة عن ذلك، فأخبر الله تعالى بما كان لداود وسليمان يوبخهم، فأقرت اليهود أنه اجتمع عند سليمان ألف امرأة، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: (ألف امرأة)؟! قالوا: نعم ثلاثمائة مهرية، وسبعمائة سرية، وعند داود مائة امرأة. فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم:
(ألف عند رجل ومائة عند رجل أكثر أو تسع نسوة)؟ فسكتوا. وكان له يومئذ تسع نسوة.
الثالثة - يقال: إن سليمان عليه السلام كان أكثر الأنبياء نساء. والفائدة في كثرة تزوجه أنه كان له قوة أربعين نبيا، وكل من كان أقوى فهو أكثر نكاحا. ويقال: إنه أراد بالنكاح كثرة العشيرة، لان لكل امرأة قبيلتين قبيلة من جهة الأب وقبيلة من جهة الام،