آية) معلوم محفوظ، فكيف يحد حد الزاني من فعل ما فيه مثل هذا من الشبهة القوية؟
وبالله التوفيق.
التاسعة عشرة - واختلف العلماء إذا كان يطأ واحدة ثم أراد أن يطأ الأخرى، فقال علي وابن عمر والحسن البصري والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق: لا يجوز له وطئ الثانية حتى يحرم فرج الأخرى بإخراجها من ملكه ببيع أو عتق، أو بأن يزوجها. قال ابن المنذر: وفيه قول ثان لقتادة، وهو أنه إذا كان يطأ واحدة وأراد وطئ الأخرى فإنه ينوي تحريم الأولى على نفسه وألا يقربها، ثم يمسك عنهما حتى يستبرئ الأولى المحرمة، ثم يغشى الثانية. وفيه قول ثالث: وهو إذا كان عنده أختان فلا يقرب واحدة منهما.
هكذا قال الحكم وحماد، وروي معنى ذلك عن النخعي. ومذهب مالك: إذا كان أختان عند رجل بملك فله أن يطأ أيتهما شاء، والكف عن الأخرى موكول إلى أمانته. فإن أراد وطئ الأخرى فيلزمه أن يحرم على نفسه فرج الأولى بفعل يفعله من إخراج عن الملك:
إما بتزويج أو بيع أو عتق إلى أجل أو كتابة أو إخدام طويل. فإن كان يطأ إحداهما ثم وثب على الأخرى دون أن يحرم الأولى وقف عنهما، ولم يجز له قرب إحداهما حتى يحرم الأخرى، ولم يوكل ذلك إلى أمانته، لأنه متهم فيمن قد وطئ، ولم يكن قبل متهما إذ كان لم يطأ إلا الواحدة. ومذهب الكوفيين في هذا الباب: الثوري وأبي حنيفة وأصحابه أنه إن وطئ إحدى أمتيه لم يطأ الأخرى، فإن باع الأولى أو زوجها ثم رجعت إليه أمسك عن الأخرى، وله أن يطأها ما دامت أختها في العدة من طلاق أو وفاة: فأما بعد انقضاء العدة فلا، حتى يملك فرج التي يطأ غيره، وروي معنى ذلك عن علي رضي الله عنه. قالوا: لان الملك الذي منع وطئ الجارية (1) في الابتداء موجود، فلا فرق بين عودتها إليه وبين بقائها في ملكه. وقول مالك حسن، لأنه تحريم صحيح في الحال ولا يلزم مراعاة المال، وحسبه إذا حرم فرجها عليه ببيع أو بتزويج أنها حرمت عليه في الحال. ولم يختلفوا في العتق، لأنه لا يتصرف فيه بحال، وأما المكاتبة فقد تعجز فترجع إلى ملكه. فإن كان عند رجل أمة يطؤها ثم تزوج أختها ففيها في المذهب ثلاثة أقوال في النكاح. الثالث - في المدونة أنه يوقف عنهما إذا وقع