العاشرة - قوله تعالى: (فان لم تكونوا دخلتم بهن) يعني بالأمهات. (فلا جناح عليكم) يعني في نكاح بناتهن إذا طلقتموهن أو متن عنكم. وأجمع العلماء على أن الرجل إذا تزوج المرأة ثم طلقها أو ماتت قبل أن يدخل بها حل له نكاح ابنتها. واختلفوا في معنى الدخول بالأمهات الذي يقع به تحريم الربائب، فروي عن ابن عباس أنه قال: الدخول الجماع، وهو قول طاوس وعمرو بن دينار وغيرهما. واتفق مالك والثوري وأبو حنيفة والأوزاعي والليث على أنه إذا مسها بشهوة حرمت عليه أمها وابنتها وحرمت على الأب والابن، وهو أحد قولي الشافعي. واختلفوا في النظر، فقال مالك: إذا نظر إلى شعرها أو صدرها أو شئ من محاسنها للذة حرمت عليه أمها وابنتها. وقال الكوفيون: إذا نظر إلى فرجها للشهوة كان بمنزلة اللمس للشهوة. وقال الثوري: [يحرم (1)] إذا نظر إلى فرجها متعمدا أو لمسها، ولم يذكر الشهوة. وقال ابن أبي ليلى: لا تحرم بالنظر حتى يلمس، وهو قول الشافعي.
والدليل على أن بالنظر يقع التحريم أن فيه نوع استمتاع فجرى مجرى النكاح، إذ الاحكام تتعلق بالمعاني لا بالألفاظ. وقد يحتمل أن يقال: إنه نوع من الاجتماع بالاستمتاع، فإن النظر اجتماع ولقاء، وفيه بين المحبين استمتاع، وقد بالغ في ذلك الشعراء فقالوا:
أليس الليل يجمع أعمرو * إيانا فذاك بنا تدان نعم، وترى الهلال كما أراه * ويعلوها النهار كما علاني فكيف بالنظر والمجالسة [والمحادثة (2)] واللذة.
الحادية عشرة - قوله تعالى: (وحلائل أبنائكم) الحلائل جمع حليلة، وهي الزوجة.
سميت حليلة لأنها تحل مع الزوج حيث حل،. فهي فعيلة بمعنى فاعلة. وذهب الزجاج وقوم إلى أنها من لفظة الحلال، فهي حليلة بمعنى محللة. وقيل: لان كل واحد منهما يحل إزار صاحبه.
الثانية عشرة - أجمع العلماء على تحريم ما عقد عليه الآباء على الأبناء، وما عقد عليه الأبناء على الآباء، كان مع العقد وطئ أو لم يكن، لقوله تعالى: (ولا تنكحوا ما نكح آبائكم