بالمعلومات إنما هو تحرز مما يتوهم أو يشك في وصوله إلى الجوف. ويفيد دليل خطابه أن الرضعات إذا كانت غير معلومات لم تحرم. والله أعلم. وذكر الطحاوي أن حديث الإملاجة والإملاجتين لا يثبت، لأنه مرة يرويه ابن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومرة يرويه عن عائشة، ومرة يرويه عن أبيه، ومثل هذا الاضطراب يسقطه. وروي عن عائشة أنه لا يحرم إلا سبع رضعات. وروي عنها أنها أمرت أختها (أم كلثوم) أن ترضع سالم بن عبد الله عشر رضعات. وروي عن حفصة مثله، وروي عنها ثلاث، وروي عنها خمس، كما قال الشافعي رضي الله عنه، وحكي عن إسحاق.
السابعة - قوله تعالى: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) استدل به من نفى لبن الفحل، وهو سعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وقالوا: لبن الفحل لا يحرم شيئا من قبل الرجل. وقال الجمهور: قوله تعالى: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) يدل على أن الفحل أب، لان اللبن منسوب إليه فإنه در بسبب ولده. وهذا ضعيف، فإن الولد خلق من ماء الرجل والمرأة جميعا، واللبن من المرأة ولم يخرج من الرجل، وما كان من الرجل إلا وطئ هو سبب لنزول الماء منه، وإذا فصل الولد خلق الله اللبن من غير أن يكون مضافا إلى الرجل بوجه ما، ولذلك لم يكن للرجل حق في اللبن، وإنما اللبن لها، فلا يمكن أخذ ذلك من القياس على الماء. وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) يقتضي التحريم من الرضاع، ولا يظهر وجه نسبة الرضاع إلى الرجل مثل ظهور نسبة الماء إليه والرضاع منها. نعم، الأصل فيه حديث الزهري وهشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها: أن أفلح أخا القعيس جاء يستأذن عليها، وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب. قالت: فأبيت أن آذن له، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته فقال: (ليلج عليك فإنه عمك تربت يمينك).
وكان أبو القعيس زوج المرأة التي أرضعت عائشة رضي الله عنها، وهذا أيضا خبر واحد.
ويحتمل أن يكون (أفلح) مع أبي بكر رضيعي لبان فلذلك قال: (ليلج عليك فإنه عمك).