والوسطى تأنيث الأوسط. ووسط الشئ خيره وأعدله، ومنه قوله تعالى: " وكذلك جعلناكم أمة وسطا " وقد تقدم (1). وقال أعرابي يمدح النبي صلى الله عليه وسلم.
يا أوسط الناس طرا في مفاخرهم * وأكرم الناس أما برة وأبا ووسط فلان القوم يسطهم أي صار في وسطهم. وأفرد الصلاة الوسطى بالذكر وقد دخلت قبل في عموم الصلوات تشريفا لها، كقوله تعالى: " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح (2) "، وقوله: " فيهما فاكهة ونخل ورمان (3) ". وقرأ أبو جعفر الواسطي " والصلاة الوسطى " بالنصب على الاغراء، أي وألزموا الصلاة الوسطى: وكذلك قرأ الحلواني. وقرأ قالون عن نافع " الوصطى " بالصاد لمجاورة الطاء لها، لأنهما من حيز واحد، وهما لغتان كالصراط ونحوه.
الثانية - واختلف الناس في تعيين الصلاة الوسطى على عشرة أقوال:
الأول - أنها الظهر، لأنها وسط النهار على الصحيح من القولين أن النهار أوله من طلوع الفجر كما تقدم، وإنما بدأنا بالظهر لأنها أول صلاة صليت في الاسلام. وممن قال إنها الوسطى زيد بن ثابت وأبو سعيد الخدري وعبد الله بن عمر وعائشة رضي الله عنهم. ومما يدل على أنها وسطى ما قالته عائشة وحفصة حين أملتا " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " بالواو. وروى أنها كانت أشق على المسلمين، لأنها كانت تجئ في الهاجرة وهم قد نفهتهم (4) أعمالهم في أموالهم. وروى أبو داود عن زيد قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر بالهاجرة ولم تكن تصلى صلاة أشد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، فنزلت: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " وقال: إن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين. وروى مالك في موطئه وأبو داود الطيالسي في مسنده عن زيد بن ثابت قال: الصلاة الوسطى صلاة الظهر، زاد الطيالسي: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها بالهجير.