وجب لهن عند الزوج، ولم تسقط النون مع " أن "، لان جمع المؤنث في المضارع على حالة واحدة في الرفع والنصب والجزم، فهي ضمير وليست بعلامة إعراب فلذلك لم تسقط، ولأنه لو سقطت النون لاشتبه بالمذكر. والعافيات في هذه الآية كل امرأة تملك أمر نفسها، فأذن الله سبحانه وتعالى لهن في إسقاطه بعد وجوبه، إذ جعله خالص حقهن، فيتصرفن فيه بالامضاء والاسقاط كيف شئن، إذا ملكن أمر أنفسهن وكن بالغات عاقلات راشدات. وقال ابن عباس وجماعة من الفقهاء والتابعين: ويجوز عفو البكر التي لا ولى لها، وحكاه سحنون في المدونة عن غير ابن القاسم بعد أن ذكر لابن القاسم أن وضعها نصف الصداق لا يجوز. وأما التي في حجر أب أو وصى فلا يجوز وضعها لنصف صداقها قولا واحدا، ولا خلاف فيه فيما أعلم.
السادسة - قوله تعالى: (أو يعفو الذي بيده) معطوف على الأول مبنى، وهذا معرب. وقرأ الحسن " أو يعفو " ساكنة الواو، كأنه استثقل الفتحة في الواو. واختلف الناس في المراد بقوله تعالى: " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " فروى الدارقطني عن جبير ابن مطعم أنه تزوج امرأة من بنى نصر (1) فطلقها قبل أن يدخل، بها فأرسل إليها بالصداق كاملا وقال: أنا أحق بالعفو منها، قال الله تعالى: " إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " وأنا أحق بالعفو منها. وتأول قوله تعالى: " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح " يعنى نفسه في كل حال قبل الطلاق وبعده، أي عقدة نكاحه، فلما أدخل اللام حذف الهاء كقوله:
" فإن الجنة هي المأوى (2) " أي مأواه. قال النابغة:
لهم شيمة لم يعطها الله غيرهم * من الجود والأحلام غير عوازب أي أحلامهم. وكذلك قوله: (عقدة النكاح) أي عقدة نكاحه. وروى الدارقطني مرفوعا من حديث قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ولى عقدة النكاح الزوج ". وأسند هذا عن علي وابن عباس وسعيد بن المسيب وشريح. قال: وكذلك قال نافع بن جبير ومحمد بن كعب وطاوس ومجاهد