" فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن (1) ". وهذه الآية نزلت في معقل بن يسار إذ عضل (2) أخته عن مراجعة زوجها، قاله البخاري. ولو أن له حقا في الانكاح ما نهى عن العضل. قلت: ومما يدل على هذا أيضا من الكتاب قوله: " فانكحوهن بإذن أهلهن (3) " وقول:
" وأنكحوا الأيامى منكم (4) " فلم يخاطب تعالى بالنكاح غير الرجال، ولو كان إلى النساء لذكرهن.
وسيأتي بيان هذا في " النور (5) " وقال تعالى حكاية عن شعيب في قصة موسى عليهما السلام:
" إني أريد أن أنكحك " على ما يأتي بيانه في سورة " القصص (6) ". وقال تعالى: " الرجال قوامون على النساء (7) "، فقد تعاضد الكتاب والسنة على أن لا نكاح إلا بولي. قال الطبري: في حديث حفصة حين تأيمت وعقد عمر عليها النكاح ولم تعقده هي إبطال قول من قال: إن للمرأة البالغة المالكة لنفسها تزويج نفسها وعقد النكاح دون وليها، ولو كان ذلك لها لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع خطبة حفصة لنفسها إذا كانت أولى بنفسها من أبيها، وخطبها إلى من لا يملك أمرها ولا العقد عليها، وفيه بيان قوله عليه السلام: " الأيم أحق بنفسها من وليها " أن معنى ذلك أنها أحق بنفسها في أنه لا يعقد عليها إلا برضاها، لا أنها أحق بنفسها في أن تعقد عقد النكاح على نفسها دون وليها. وروى الدارقطني عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها ". قال: حديث صحيح. وروى أبو داود من حديث سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل - ثلاث مرات - فإن دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها فإن تشاجروا فالسلطان ولى من لا ولى له ". وهذا الحديث صحيح. ولا اعتبار بقول ابن علية عن ابن جريج أنه قال: سألت عنه الزهري فلم يعرفه، ولم يقل هذا أحد عن ابن جريج غير ابن علية، وقد رواه جماعة عن الزهري لم يذكروا ذلك، ولو ثبت هذا عن الزهري لم يكن في ذلك حجة، لأنه قد نقله عنه ثقات، منهم سليمان بن موسى وهو ثقة إمام