وجعفر بن ربيعة، فلو نسيه الزهري لم يضره ذلك، لان النسيان لا يعصم منه ابن آدم، قال صلى الله عليه وسلم: " نسى آدم فنسيت ذريته ". وكان صلى الله عليه وسلم ينسى، فمن سواه أحرى أن ينسى، ومن حفظ فهو حجة على من نسى، فإذا روى الخبر ثقة فلا يضره نسيان من نسيه، هذا لو صح ما حكى ابن علية عن ابن جريج، فكيف وقد أنكر أهل العلم ذلك من حكايته ولم يعرجوا عليها.
قلت: وقد أخرج هذا الحديث أبو حاتم محمد بن حبان التميمي البستي في المسند الصحيح له - على التقاسيم والأنواع من غير وجود قطع في سندها، ولا ثبوت جرح في ناقلها - عن حفص بن غياث عن ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل فإن تشاجروا فالسلطان ولى من لا ولى له ". قال أبو حاتم: لم يقل أحد في خبر ابن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري هذا: " وشاهدي عدل " إلا ثلاثة أنفس: سويد بن يحيى الأموي عن حفص بن غياث وعبد الله بن عبد الوهاب الجمحي عن خالد بن الحارث وعبد الرحمن بن يونس الرقي عن عيسى بن يونس، ولا يصح في الشاهدين غير هذا الخبر، وإذا ثبت هذا الخبر فقد صرح الكتاب والسنة بأن لا نكاح إلا بولي، فلا معنى لما خالفهما.
وقد كان الزهري والشعبي يقولان: إذا زوجت المرأة نفسها كفؤا بشاهدين فذلك نكاح جائز. وكذلك كان أبو حنيفة يقول: إذا زوجت المرأة نفسها كفؤا بشاهدين فذلك نكاح جائز، وهو قول زفر. وإن زوجت نفسها غير كف ء فالنكاح جائز، وللأولياء أن يفرقوا بينهما. قال ابن المنذر: وأما ما قاله النعمان فمخالف للسنة، خارج عن قول أكثر أهل العلم.
وبالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نقول. وقال أبو يوسف: لا يجوز النكاح إلا بولي، فإن سلم الولي جاز، وإن أبى أن يسلم والزوج كف ء أجازه القاضي. وإنما يتم النكاح في قوله حين يجيزه القاضي، وهو قول محمد بن الحسن، وقد كان محمد بن الحسن يقول: يأمر القاضي الولي بإجازته، فإن لم يفعل استأنف عقدا. ولا خلاف بين أبي حنيفة وأصحابه أنه إذا أذن لها