إذا يسروا لم يورث اليسر بينهم * فواحش ينعى ذكرها بالمصايف فهذا كله نفع الميسر، إلا أنه أكل المال بالباطل:
الثامنة - قوله تعالى: (وإثمهما أكبر من نفعهما) أعلم الله عز وجل أن الاثم أكبر من النفع، وأعود بالضرر في الآخرة، فالاثم الكبير بعد التحريم، والمنافع قبل التحريم.
وقرأ حمزة والكسائي " كثير " بالثاء المثلثة، وحجتهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الخمر ولعن معها عشرة: بائعها ومبتاعها والمشتراة له وعاصرها والمعصورة له وساقيها وشاربها وحاملها والمحمولة له وآكل ثمنها. وأيضا فجمع المنافع يحسن معه جمع الآثام. و " كثير " بالثاء المثلثة يعطى ذلك. وقرأ باقي القراء وجمهور الناس " كبير " بالباء الموحدة، وحجتهم أن الذنب في القمار وشرب الخمر من الكبائر، فوصفه بالكبير أليق. وأيضا فاتفاقهم على " أكبر " حجة ل " كبير " بالباء بواحدة. وأجمعوا على رفض " أكثر " بالثاء المثلثة، إلا في مصحف عبد الله بن مسعود فإن فيه " قل فيهما إثم كثير " " وإثمهما أكثر " بالثاء مثلثة في الحرفين.
التاسعة - قال قوم من أهل النظر: حرمت الخمر بهذه الآية، لان الله تعالى قد قال: " قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم (1) " فأخبر في هذه الآية أن فيها إثما فهو حرام. قال ابن عطية: ليس هذا النظر بجيد، لان الاثم الذي فيها هو الحرام، لا هي بعينها على ما يقتضيه هذا النظر. قلت: وقال بعضهم: في هذه الآية ما دل على تحريم الخمر لأنه سماه إثما، وقد حرم الاثم في آية أخرى، وهو قوله عز وجل: " قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم " وقال بعضهم: الاثم أراد به الخمر، بدليل قول الشاعر:
شربت الاثم حتى ضل عقلي * كذاك الاثم يذهب بالعقول قلت: وهذا أيضا ليس بجيد، لان الله تعالى لم يسم الخمر إثما في هذه الآية، وإنما قال: " قل فيهما إثم كبير " ولم يقل: قل هما إثم كبير. وأما آية " الأعراف " وبيت الشعر فيأتي الكلام فيهما هناك مبينا، إن شاء الله تعالى. وقد قال قتادة: إنما في هذه