فساده. ومعنى الآية على قول الجمهور: إنكم يا كفار قريش تستعظمون علينا القتال في الشهر الحرام، وما تفعلون أنتم من الصد عن سبيل الله لمن أراد الاسلام، ومن كفركم بالله وإخراجكم أهل المسجد منه، كما فعلتم برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أكبر جرما عند الله. وقال عبد الله بن جحش رضي الله عنه:
تعدون قتلا في الحرام عظيمة * وأعظم منه لو يرى الرشد راشد صدودكم عما يقول محمد * وكفر به والله راء وشاهد وإخراجكم من مسجد الله أهله * لئلا يرى لله في البيت ساجد فإنا وإن غيرتمونا بقتله * وأرجف بالاسلام باغ وحاسد سقينا من ابن الحضرمي رماحنا * بنخلة لما أوقد الحرب واقد دما وابن عبد الله عثمان بيننا * ينازعه غل من القد عاند وقال الزهري ومجاهد وغيرهما: قوله تعالى: " قل قتال فيه كبير " منسوخ بقوله: " وقاتلوا المشركين كافة " وبقوله: " فاقتلوا المشركين (1) ". وقال عطاء: لم ينسخ، ولا ينبغي القتال في الأشهر الحرم، وقد تقدم.
السادسة - قوله تعالى: (والفتنة أكبر من القتل) قال مجاهد وغيره: الفتنة هنا الكفر، أي كفركم أكبر من قتلنا أولئك. وقال الجمهور: معنى الفتنة هنا فتنتهم المسلمين عن دينهم حتى يهلكوا، أي أن ذلك أشد اجتراما من قتلكم في الشهر الحرام.
السابعة - قوله تعالى: (ولا يزالون) ابتداء (2) خبر من الله تعالى، وتحذير منه للمؤمنين من شر الكفرة. قال مجاهد: يعنى كفار قريش. و " يردوكم " نصب بحتى، لأنها غاية مجردة.
الثامنة - قوله تعالى: " ومن يرتدد " أي يرجع عن الاسلام إلى الكفر (فأولئك حبطت) أي بطلت وفسدت، ومنه الحبط وهو فساد يلحق المواشي في بطونها من كثرة أكلها الكلأ فتنتفخ أجوافها، وربما تموت من ذلك، فالآية تهديد للمسلمين ليثبتوا على دين الاسلام.