وفى حديث عبادة بن الصامت: " فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يد بيد ". وروى أبو داود عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" الذهب بالذهب تبرها وعينها والفضة بالفضة تبرها وعينها والبر بالبر مدى (1) بمدى والشعير بالشعير مدى بمدى والتمر بالتمر مدى بمدى والملح بالملح مدى بمدى فمن زاد أو ازداد فقد أربى ولا بأس يبيع الذهب بالفضة والفضة أكثرهما يدا بيد وأما نسيئة فلا ولا بأس ببيع البر بالشعير والشعير أكثرهما يدا بيد وأما نسيئة فلا ". وأجمع العلماء على القول بمقتضى هذه السنة وعليها جماعة فقهاء المسلمين إلا في البر والشعير فإن مالكا جعلهما صنفا واحدا، فلا يجوز منهما اثنان بواحد، وهو قول الليث والأوزاعي ومعظم علماء المدينة والشام، وأضاف مالك إليهما السلت (2). وقال الليث: السلت والدخن والذرة صنف واحد، وقاله ابن وهب.
قلت: وإذا ثبتت السنة فلا قول معها. وقال عليه السلام: " فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ". وقول: " البر بالبر والشعير بالشعير " دليل على أنهما نوعان مختلفان كمخالفة البر للتمر، ولأن صفاتهما مختلفة وأسماؤهما مختلفة، ولا اعتبار بالمنبت والمحصد إذا لم يعتبره الشرع، بل فصل وبين، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة والثوري وأصحاب الحديث.
الرابعة - كان معاوية بن أبي سفيان يذهب إلى أن النهي والتحريم إنما ورد من النبي صلى الله عليه وسلم في الدينار المضروب والدرهم المضروب لا في التبر من الذهب والفضة بالمضروب، ولا في المصوغ بالمضروب. وقد قيل إن ذلك إنما كان منه في المصوغ خاصة، حتى وقع له مع عبادة ما خرجه مسلم وغيره، قال: غزونا وعلى الناس معاوية فغنمنا غنائم كثيرة، فكان مما غنمنا آنية من فضة فأمر معاوية رجلا ببيعها في أعطيات الناس