أو أكثر من أن يقرب العدو فيه منهم من الطعن والضرب، أو يأتي من يصدق خبره فيخبره بأن العدو قريب منه ومسيرهم جادين إليه، فإن لم يكن واحد من هذين المعنيين فلا يجوز له أن يصلى صلاة الخوف. فإن صلوا بالخبر صلاة الخوف ثم ذهب العدو لم يعيدوا، وقيل:
يعيدون، وهو قول أبي حنيفة. قال أبو عمر: فالحال التي يجوز منها للخائف أن يصلى راجلا أو راكبا مستقبل القبلة أو غير مستقبلها هي حال شدة الخوف، والحال التي وردت الآثار فيها هي غير هذه. وهي صلاة الخوف بالامام وانقسام الناس وليس حكمها في هذه الآية، وهذا يأتي بيانه في سورة " النساء (1) " إن شاء الله تعالى. وفرق مالك بين خوف العدو المقاتل وبين خوف السبع ونحوه من جمل صائل أو سيل أو ما الأغلب من شأنه الهلاك، فإنه استحب من غير خوف العدو الإعادة في الوقت إن وقع الامن. وأكثر فقهاء الأمصار على أن الامر سواء.
الخامسة - قال أبو حنيفة: إن القتال يفسد الصلاة، وحديث ابن عمر يرد عليه، وظاهر الآية أقوى دليل عليه، وسيأتي هذا في " النساء " إن شاء الله تعالى. قال الشافعي:
لما رخص تبارك وتعالى في جواز ترك بعض الشروط دل ذلك على أن القتال في الصلاة لا يفسدها، والله أعلم.
السادسة - لا نقصان في عدد الركعات في الخوف عن صلاة المسافر عند مالك والشافعي وجماعة من العلماء، وقال الحسن بن أبي الحسن وقتادة وغيرهما: يصلى ركعة إيماء، روى مسلم عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن ابن عباس قال: فرض الله الصلاة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا وفى السفر ركعتين وفى الخوف ركعة.
قال ابن عبد البر: انفرد به بكير بن الأخنس وليس بحجة فيما ينفرد به، والصلاة أولى ما احتيط فيه، ومن صلى ركعتين في خوفه وسفره خرج من الاختلاف إلى اليقين. وقال الضحاك ابن مزاحم: يصلى صاحب خوف الموت في المسايفة وغيرها ركعة فإن لم يقدر فليكبر تكبيرتين.
وقال إسحاق بن راهويه: فإن لم يقدر إلا على تكبيرة واحدة أجزأت عنه، ذكره ابن المنذر.