جلوسا فصلاته وصلاة من خلفه ممن لا يستطيع القيام صحيحة جائزة، وصلاة من صلى خلفه ممن حكمه القيام باطلة. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: صلاته وصلاتهم جائزة. وقالوا:
لو صلى وهو يومئ بقوم وهم يركعون ويسجدون لم تجزهم في قولهم جميعا وأجزأت الامام صلاته. وكان زفر يقول: تجزئهم صلاتهم، لأنهم صلوا على فرضهم وصلى إمامهم على فرضه، كما قال الشافعي.
قلت: أما ما ذكره أبو عمر وغيره من العلماء قبله وبعده من أنها آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد رأيت لغيرهم خلال ذلك ممن جمع طرق الأحاديث في هذا الباب، وتكلم عليها وذكر اختلاف الفقهاء في ذلك، ونحن نذكر ما ذكره ملخصا حتى يتبين لك الصواب إن شاء الله تعالى. وصحة قول من قال إن صلاة المأموم الصحيح قاعدا خلف الامام المريض جائزة، فذكر أبو حاتم محمد بن حبان البستي في المسند الصحيح له عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في نفر من أصحابه فقال: " ألستم تعلمون أنى رسول الله إليكم "؟ قالوا: بلى، نشهد أنك رسول الله! قال: " ألستم تعلمون أنه من أطاعني فقد أطاع الله ومن طاعة الله طاعتي "؟ قالوا: بلى، نشهد أنه من أطاعك فقد أطاع الله ومن طاعة الله طاعتك. قال: " فإن من طاعة الله أن تطيعوني ومن طاعتي أن تطيعوا أمراءكم فإن صلوا قعودا فصلوا قعودا ". في طريقه عقبة بن أبي الصهباء وهو ثقة، قال يحيى بن معين.
قال أبو حاتم: في هذا الخبر بيان واضح أن صلاة المأمومين قعودا إذا صلى إمامهم قاعدا من طاعة الله جل وعلا التي أمر الله بها عباده، وهو عندي ضرب من الاجماع الذي أجمعوا على إجازته، لان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أفتوا به: جابر بن عبد الله وأبو هريرة وأسيد بن حضير وقيس بن قهد (1)، ولم يرو عن أحد من الصحابة الذين شهدوا هبوط الوحي والتنزيل وأعيذوا من التحريف والتبديل خلاف لهؤلاء الأربعة، لا بإسناد متصل ولا منقطع، فكأن الصحابة أجمعوا على أن الامام إذا صلى قاعدا كان على المأمومين أن يصلوا قعودا. وبه قال جابر بن زيد والأوزاعي ومالك بن أنس وأحمد بن حنبل وإسحاق