وعموم الشريعة، ودفعا لما يتوهم من الخصوصية إذ لا دليل عليها. فإن قال قائل: فقد جرى الكلام في الصلاة والسهو أيضا وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم: " التسبيح للرجال والتصفيق للنساء " فلم لم يسبحوا؟ فقال: لعل في ذلك الوقت لم يكن أمرهم بذلك، ولئن كان كما ذكرت فلم يسبحوا، لأنهم توهموا أن الصلاة قصرت، وقد جاء ذلك في الحديث قال: وخرج سرعان (1) الناس فقالوا: أقصرت الصلاة؟ فلما يكن بد من الكلام لأجل ذلك.
والله أعلم.
وقد قال بعض المخالفين: قول أبي هريرة " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " يحتمل أن يكون مراده أنه صلى بالمسلمين وهو ليس منهم، كما روى عن النزال (2) بن سبرة أنه قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنا وإياكم كنا ندعى بنى عبد مناف وأنتم اليوم بنو عبد الله ونحن بنو عبد الله " وإنما عنى به أنه قال لقومه وهذا بعيد، فإنه لا يجوز أن يقول صلى بنا وهو إذ ذاك كافر ليس من أهل الصلاة ويكون ذلك كذبا، وحديث النزال (2) هو كان من جملة القوم وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمع. وأما ما ادعته الحنفية من النسخ والارسال فقد أجاب عن قولهم علماؤنا وغيرهم وأبطلوه، وخاصة الحافظ أبا عمر ابن عبد البر في كتابه المسمى ب " التمهيد " وذكر أن أبا هريرة أسلم عام خيبر، وقدم المدينة في ذلك العام، وصحب النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أعوام، وشهد قصة ذي اليدين وحضرها، وأنها لم تكن قبل بدر كما زعموا، وأن ذا اليدين قتل في بدر. قال: وحضور أبي هريرة يوم ذي اليدين محفوظ من رواية الحفاظ الثقات، وليس تقصير من قصر عن ذلك بحجة على من علم ذلك وحفظه وذكره.
الثامنة - القنوت: القيام، وهو أحد أقسامه فيما ذكر أبو بكر بن الأنباري، وأجمعت الأمة على أن القيام في صلاة الفرض واجب على كل صحيح قادر عليه، منفردا كان أو إماما.
وقال صلى الله عليه وسلم: " إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا صلى قائما فصلوا قياما " الحديث،