قلت: فيحتمل أن تكون كان تامة، مثل قوله: " وإن كان ذو عسرة " فلا تحتاج إلى خبر. ويحتمل أن تكون ناقصة والخبر محذوف، كما تقدم آنفا. ويجوز أن يرفع " رفث وفسوق " بالابتداء، " ولا " للنفي، والخبر محذوف أيضا. وقرأ أبو جعفر بن القعقاع بالرفع في الثلاثة. ورويت عن عاصم في بعض الطرق، وعليه يكون " في الحج " خبر الثلاثة، كما قلنا في قراءة النصب، وإنما لم يحسن أن يكون " في الحج " خبر عن الجميع مع اختلاف القراءة، لان خبر ليس منصوب وخبر " ولا جدال " مرفوع، لان " ولا جدال " مقطوع من الأول وهو في موضع رفع بالابتداء، ولا يعمل عاملان في اسم واحد. ويجوز " فلا رفث ولا فسوق " تعطفه على الموضع. وأنشد النحويون:
لا نسب اليوم ولا خلة * اتسع الخرق على الراقع (1) ويجوز في الكلام " فلا رفث ولا فسوقا ولا جدال في الحج " عطفا على اللفظ على ما كان يجب في " لا " قال الفراء: ومثله:
فلا أب وابنا مثل مروان وابنه * إذا هو بالمجد ارتدى وتأزرا وقال أبو رجاء العطاردي: " فلا رفث ولا فسوق " بالنصب فيهما، " ولا جدال " بالرفع والتنوين. وأنشد الأخفش:
هذا وجدكم الصغار بعينه * لا أم لي إن كان ذاك ولا أب وقيل: إن معنى " فلا رفث ولا فسوق " النهي، أي لا ترفثوا ولا تفسقوا. ومعنى " ولا جدال " النفي، فلما اختلفا في المعنى خولف بينهما في اللفظ. قال القشيري: وفيه نظر، إذ فيل: " ولا جدال " نهي أيضا، أي لا تجادلوا، فلم فرق بينهما.
التاسعة - " ولا جدال " الجدال وزنه فعال من المجادلة، وهي مشتقة من الجدل وهو القتل، ومنه زمام مجدول. وقيل: هي مشتقة من الجدالة التي هي الأرض.