في الآية مالك بن الصيف، ويقال فيه ابن الضيف (1)، كان قد قال: والله ما أخذ علينا عهد في كتابنا أن نؤمن بمحمد ولا ميثاق، فنزلت الآية. وقيل: إن اليهود عاهدوا لئن خرج محمد لنؤمن به ولنكونن معه على مشركي العرب، فلما بعث كفروا به. وقال عطاء: هي العهود التي كانت بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين اليهود فنقضوها كفعل قريظة والنضير، دليله قول تعالى: " الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون (2) ".
قوله تعالى: " نبذه فريق منهم " النبذ: الطرح والالقاء، ومنه النبيذ والمنبوذ، قال أبو الأسود:
وخبرني من كنت أرسلت إنما * أخذت كتابي معرضا بشمالكا نظرت إلى عنوانه فنبذته * كنبذك نعلا أخلقت من نعالكا آخر: إن الذين أمرتهم أن يعدلوا * نبذوا كتابك واستحلوا المحرما وهذا مثل يضرب لمن استخف بالشئ فلا يعمل به، تقول العرب: اجعل هذا خلف ظهرك، ودبرا منك، وتحت قدمك، أي اتركه وأعرض عنه، قال الله تعالى:
" واتخذتموه وراءكم ظهريا (3) ". وأنشد الفراء:
تميم بن زيد لا تكونن حاجتي * بظهر فلا يعيا علي جوابها (4) " بل أكثرهم " ابتداء. " لا يؤمنون " فعل مستقبل في موضع الخبر.
قوله تعالى: ولما جاءهم رسول من عند الله مصدقا لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتب كتب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون (101)