يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها " وأن تصوموا خير لكم ". وعلى هذا قراءة الجمهور " يطيقونه " أي يقدرون عليه، لان فرض الصيام هكذا: من أراد صام ومن أراد أطعم مسكينا.
وقال ابن عباس: نزلت هذه الآية رخصة للشيوخ والعجزة خاصة إذا أفطروا وهم يطيقون الصوم، ثم نسخت بقوله " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " [البقرة: 185] فزالت الرخصة إلا لمن عجز منهم.
قال الفراء: الضمير في " يطيقونه " يجوز أن يعود على الصيام، أي وعلى الذين يطيقون الصيام أن يطعموا إذا أفطروا، ثم نسخ بقوله: "، وأن تصوموا ". ويجوز أن يعود على الفداء، أي وعلى الذين يطيقون الفداء فدية. وأما قراءة " يطوقونه " على معنى يكلفونه مع المشقة اللاحقة لهم، كالمريض والحامل فإنهما يقدران عليه لكن بمشقة تلحقهم في أنفسهم، فإن صاموا أجزأهم وإن افتدوا فلهم ذلك. ففسر ابن عباس - إن كان الاسناد عنه صحيحا - " يطيقونه " بيطوقونه ويتكلفونه فأدخله بعض النقلة في القرآن. روى أبو داود عن ابن عباس " وعلى الذين يطيقونه " قال: أثبتت للحبلى والمرضع. وروي عنه أيضا " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " قال: كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا، والحبلى والمرضع إذا خافتا على أولادهما أفطرتا وأطعمتا.
وخرج الدارقطني عنه أيضا قال: رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه، هذا إسناد صحيح. وروي عنه أنه قال: " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام " ليست بمنسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، فيطعما مكان كل يوم مسكينا، وهذا صحيح. وروي عنه أيضا أنه قال لام ولد له حبلى أو مرضع:
أنت من الذين لا يطيقون الصيام، عليك الجزاء ولا عليك القضاء، وهذا إسناد صحيح.
وفي رواية: كانت له أم ولد ترضع - من غير شك - فأجهدت فأمرها أن تفطر ولا تقضي، هذا صحيح.
قلت: فقد ثبت بالأسانيد الصحاح عن ابن عباس أن الآية ليست بمنسوخة وأنها محكمة في حق من ذكر. والقول الأول صحيح أيضا، إلا أنه يحتمل أن يكون النسخ هناك