قلت: وهو مقتضى قوله تعالى: " فعدة من أيام أخر " فمتى أتى بيوم تام بدلا عما أفطره في قضاء رمضان فقد أتى بالواجب عليه، ولا يجب عليه غير ذلك، والله أعلم.
الرابعة عشرة - والجمهور على أن من أفطر في رمضان لعلة فمات من علته تلك، أو سافر فمات في سفره ذلك أنه لا شئ عليه. وقال طاوس وقتادة في المريض يموت قبل أن يصح: يطعم عنه.
الخامسة عشرة - واختلفوا فيمن مات وعليه صوم من رمضان لم يقضه، فقال مالك والشافعي والثوري: لا يصوم أحد عن أحد. وقال أحمد وإسحاق وأبو ثور والليث وأبو عبيد وأهل الظاهر: يصام عنه، إلا أنهم خصصوه بالنذر، وروي مثله عن الشافعي.
وقال أحمد وإسحاق في قضاء رمضان: يطعم عنه. احتج من قال بالصوم بما رواه مسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه).
إلا أن هذا عام في الصوم، يخصصه ما رواه مسلم أيضا عن ابن عباس قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أمي قد ماتت وعليها صوم نذر - وفي رواية صوم شهر - أفأصوم عنها؟ قال: (أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان يؤدي ذلك عنها) قالت: نعم، قال: (فصومي عن أمك). احتج مالك ومن وافقه بقوله سبحانه: " ولا تزر وازرة وزر أخرى (1) " [الانعام: 164] وقوله: " وأن ليس للانسان إلا ما سعى " (2) [النجم: 39] وقوله: " ولا تكسب كل نفس إلا عليها " (1) [الانعام: 164] وبما خرجه النسائي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مدا من حنطة).
قلت: وهذا الحديث عام، فيحتمل أن يكون المراد بقوله: (لا يصوم أحد عن أحد) صوم رمضان. فأما صوم النذر فيجوز، بدليل حديث ابن عباس وغيره، فقد جاء في صحيح مسلم أيضا من حديث بريدة نحو حديث ابن عباس، وفي بعض طرقه: صوم شهرين أفأصوم عنها؟ قال: (صومي عنها) قالت: إنها لم تحج قط أفأحج عنها؟ قال: