ولا يحمل). وذكر الترمذي عن يحيى بن سليم عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من دخل حائطا فليأكل ولا يتخذ خبنة). قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يحيى بن سليم. وذكر من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق، فقال: (من أصاب منه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شئ عليه). قال فيه: حديث حسن. وفي حديث عمر رضي الله عنه:
(إذا مر أحدكم بحائط فليأكل ولا يتخذ ثبانا). قال أبو عبيد قال أبو عمر: وهو الوعاء الذي يحمل فيه الشئ، فإن حملته بين يديك فهو ثبان، يقال: قد تثبنت ثبانا، فإن حملته على ظهرك فهو الحال، يقال منه: قد تحولت كسائي إذا جعلت فيه شيئا ثم حملته على ظهرك.
فإن جعلته في حضنك فهو خبنة، ومنه حديث عمرو بن شعيب المرفوع (ولا يتخذ خبنة).
يقال منه: خبنت أخبن خبنا. قال أبو عبيد: وإنما يوجه هذا الحديث أنه رخص فيه للجائع المضطر الذي لا شئ معه يشتري به ألا يحمل إلا ما كان في بطنه قدر قوته.
قلت: لان الأصل المتفق عليه تحريم مال الغير إلا بطيب نفس منه، فإن كانت هناك عادة بعمل ذلك كما كان في أول الاسلام، أو كما هو الان في بعض البلدان، فذلك جائز.
ويحمل ذلك على أوقات المجاعة والضرورة، كما تقدم والله أعلم.
وإن كان الثاني (1) وهو النادر في وقت من الأوقات، فاختلف العلماء فيها على قولين:
أحدهما - أنه يأكل حتى يشبع ويتضلع (2)، ويتزود إذا خشى الضرورة فيما بين يديه من مفازة وقفر، وإذا وجد عنها غنى طرحها. قال معناه مالك في موطئه، وبه قال الشافعي وكثير من العلماء. والحجة في ذلك أن الضرورة ترفع التحريم فيعود مباحا. ومقدار الضرورة إنما هو في حالة عدم القوت إلى حالة وجوده. وحديث العنبر نص في ذلك، فإن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لما رجعوا من سفرهم وقد ذهب عنهم الزاد، انطلقوا إلى ساحل البحر فرفع