وقيل: هو عائد على " من " في قوله تعالى: " ومن الناس من يتخذ من دون الله " الآية.
وقوله تعالى: " واتبعوا ما أنزل الله " أي بالقبول والعمل. " قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا " ألفينا: وجدنا. وقال الشاعر:
فألفيته غير مستعتب * ولا ذاكر الله إلا قليلا الثانية - قوله تعالى: " أولو كان آباؤهم " الألف للاستفهام، وفتحت الواو لأنها واو عطف، عطفت جملة كلام على جملة، لان غاية الفساد في الالتزام أن يقولوا: نتبع آباءنا ولو كانوا لا يعقلون، فقرروا على التزامهم هذا، إذ هي حال آبائهم.
مسألة - قال علماؤنا: وقوة ألفاظ هذه الآية تعطى إبطال التقليد، ونظيرها:
" وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا " الآية.
وهذه الآية والتي قبلها مرتبطة بما قبلهما، وذلك أن الله سبحانه أخبر عن جهالة العرب فيما تحكمت فيه بآرائها السفيهة في البحيرة والسائبة والوصيلة (1)، فاحتجوا بأنه أمر وجدوا عليه آباءهم فاتبعوهم في ذلك، وتركوا ما أنزل الله على رسوله وأمر به في دينه، فالضمير في " لهم " عائد عليهم في الآيتين جميعا.
الثالثة - تعلق قوم بهذه الآية في ذم التقليد لذم الله تعالى الكفار باتباعهم لآبائهم في الباطل، واقتدائهم بهم في الكفر والمعصية. وهذا في الباطل صحيح، أما التقليد في الحق فأصل من أصول الدين، وعصمة من عصم المسلمين يلجأ إليها الجاهل المقصر عن درك النظر.
واختلف العلماء في جوازه في مسائل الأصول على ما يأتي، وأما جوازه في مسائل الفروع فصحيح.
الرابعة - التقليد عند العلماء حقيقته قبول قول بلا حجة، وعلى هذا فمن قبل قول النبي صلى الله عليه وسلم من غير نظر في معجزته يكون مقلدا، وأما من نظر فيها فلا يكون مقلدا.