ووجد الأعداء الفرصة في جمع آثاره العلمية وآثار الشيعة في ساحات احراقها بمشهد ومرأى من الناس، وبهذا التصرف الوحشي أضاعوا على المسلمين كثيرا " من منابعهم العلمية والثقافية.
هذه الوقائع الأليمة كانت تكفي لتحطيم قوى الشيخ الطوسي وتزعزعه عن السير قدما " في الطريق الذي كان قد شقه لنفسه، ولكن حيث كان يستمد قواه من عالم الغيب ويتعلم الصمود أمام الحوادث من مدرسة أهل البيت عليهم السلام، زادت الاحداث في تقوية روحه وتركيزه في الصمود لنشر الحق والدعوة إلى الدين، فهاجر من بغداد ليلقي رحل اقامته بالنجف الأشرف في جوار أبي الأئمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام على يد " الشيخ الطوسي " تأسست جامعة النجف الأشرف، وبجهوده المشكورة بنيت الحوزة العلمية في هذه المدينة المقدسة، وبإقامته في هذه البلدة المباركة اجتمعت ثلة مختارة من علماء الطائفة حوله كان لهم الأثر البالغ في تنمية العلوم الإسلامية وازدهارها، وبدأت تشع إشعاعها العلمي والديني على المسلمين عامة وعلى الشيعة خاصة. ولأنها حوزة أسست على التقوى والصلاح زاولت نشاطها لمدة ألف سنة وستزاول - إنشاء الله تعالى - إلى مدى الدهر.
خرج الشيخ الطوسي من بغداد خائفا شريدا ودخل النجف مضطرب القلب، وكأن الله تعالى شاء أن يصنع من خوفه عزا " للشيعة ومن اضطرابه عظمة للطائفة، فأنشأ هذه المدرسة العظيمة التي أصبحت غنية بالعطاء الفكري والتثقيفي ولجأ إليها كل متعطش إلى العلم والبحث والتحقيق، وكانت حصيلتها رجالات ممتازة في ميادين العلوم الإسلامية بمختلف الأعصار، يتحدث عنهم التاريخ فيبتهج بمآثرهم الخالدة