الثاني: أنه طير ليس ببعوض ولا ذبان، قاله أبو عبيدة.
والثالث: أنه ما تهافت في النار من البعوض، قال ابن قتيبة. وكذلك قال الزجاج: الفراش ما تراه كصغار البق يتهافت في النار. وشبه الناس في وقت البعث به وبالجراد المنتشر، لأنهم إذا بعثوا تهافت الفراش.
فأما " المبثوث " فهو المنتشر المتفرق.
قوله [عز وجل]: (وتكون الجبال كالعهن) وقد شرحناه في سأل سائل، و " المنفوش " الذي قد ندف. قال مقاتل: وتصير الجبال كالصوف المندوف. فإذا رأيت الجبل قلت: هذا جبل: فإذا مسسته لم تر شيئا، وذلك من شدة الهول.
قوله [عز وجل]: (فأما من ثقلت موازينه)، أي: رجحت بالحسنات، وقد بينا هذه الآية في أول الأعراف وبينا معنى " عيشة راضية " في الحاقة.
قوله [عز وجل]: (فأمه هاوية)، قرأ ابن مسعود، وطلحة بن مصرف، والجحدري " فإمه " بكسر الهمزة. فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: أم رأسه هاوية، يعني: أنه يهوي في النار على رأسه، هذا قول عكرمة، وأبي صالح.
والثاني: أنها كلمة عربية كان الرجل إذا وقع في أمر شديد قالوا: هوت أمه، قاله قتادة.
والثالث: أن المعنى، فمسكنه النار. وإنما قيل لمسكنه: أمه، لأن الأصل السكون إلى الأمهات. فالنار لهذا كالأم، إذ لا مأوى له غيرها، هذا قول ابن زيد، والفراء، وابن قتيبة، والزجاج، ويدل على صحة هذا ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا مات العبد تلقى روحه أرواح المؤمنين، فتقول له: ما فعل فلان؟ فإذا [قال: مات]، قالوا: ذهب به إلى أمه الهاوية، فبئست الأم، وبئست المزينة.
قوله [عز وجل]: (وما أدراك ما هيه) يعني: الهاوية. قرأ حمزة، ويعقوب " ما هي " بحذف الهاء الأخيرة في الوصل، وإثباتها في الوقف. وقرأ الباقون باثباتها في الحالين. قال الزجاج: الهاء في " هيه " دخلت في الوقف، لتبيين فتحة الياء، فالوقف " هيه " والوصل هي نار. والذي يجب اتباع المصحف. والهاء فيه ثابتة فيوقف عليها، ولا توصل قوله " نار حامية " أي: حارة قد انتهى حرها.