بعد الخضرة (غثاء) قال الزجاج، أي: جففه حتى جعله هشيما جافا كالغثاء الذي تراه فوق ماء السيل. وقد بينا هذا في سورة المؤمنين. فأما قوله [عز وجل]: (أحوى) فقال الفراء: الأحوى:
الذي قد اسود من القدم، والعتق، ويكون أيضا: أخرج المرعى أحوى: أسود من الخضرة، فجعله غثاء كما قال [عز وجل]: (مدهامتان).
قوله [عز وجل]: (سنقرئك فلا تنسى) قال مقاتل: سنعلمك القرآن، ونجمعه في قلبك فلا تنساه أبدا.
قوله [عز وجل]: (إلا ما شاء الله) فيه ثلاثة أقوال.
أحدها: إلا ما شاء الله أن ينسخه فتنساه، قاله الحسن، وقتادة.
والثاني: إلا ما شاء الله أن تنساه شيئا ثم تذكره بعد. حكاه الزجاج.
والثالث: انه استثناء ألا يقع قال الفراء. لم يشأ أن ينسى شيئا، فإنما هو كقوله [تعالى]:
(خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك)، ولا يشاء.
قوله [عز وجل]: (إنه يعلم الجهر) من القول والفعل (وما يخفى) منهما (ونيسرك لليسرى) أي: نسهل عليك عمل الخير (فذكر) أي: عظ أهل مكة (إن نفعت الذكرى) وفي " إن " ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها الشرطية، ثم وفي معنى الكلام قولان، أحدهما: إن قبلت الذكرى، قاله يحيى ابن سلام. والثاني: إن نفعت وإن لم تنفع، قاله علي بن أحمد النيسابوري.
والثاني: أنها بمعنى " قد "، فتقديره: قد نفعت الذكرى، قاله مقاتل.
والثالث: أنها بمعنى " ما " فتقديره: فذكر ما نفعت الذكرى، حكاه الماوردي.