والثاني: يسر له السبيل في خروجه من بطن أمه، قاله السدي، ومقاتل قوله [عز وجل]:
(فأقبره) قال الفراء: أي جعله مقبورا، ولم يجعله ممن يلقى للسباع والطير، فكأن القبر مما أكرم به المسلم. ولم يقل: قبره، لأن القابر هو الدافن بيده. والمقبر الله، لأنه صيره مقبورا. فليس فعله كفعل الآدمي. والعرب تقول: بترت ذنب البعير، والله أبتره. وعضبت قرن الثور، والله أعضبه وطردت فلانا عني، والله أطرده، أي: صيره طريدا. وقال أبو عبيدة: أقبره: أي أمر أن يقبر، وجعل له قبرا. قالت بنو تميم لعمر بن هبيرة لما قتل صالح بن عبد الرحمن: أقبرنا صالحا فقال:
دونكموه. والذي يدفن بيده هو القابر. قال الأعشى:
لو أسندت ميتا إلى نحرها * عاش ولم يسلم إلى قابر قوله [عز وجل]: (ثم إذا شاء أنشره) أي: بعثه. يقال: أنشر الله الموتى فنشروا، ونشر الميت: حيي هو بنفسه، واحدهم ناشر. قال الأعشى:
حتى يقول الناس مما رأوا * يا عجبا للميت الناشر قوله [عز وجل]: (كلا) قال الحسن: حقا (لما يقض ما أمره) به ربه، ولم يؤد ما فرض عليه. وهل هذا عام، أم خاص؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه عام. قال مجاهد: لا يقضي أحد أبدا كل ما افترض الله عليه.
والثاني: أنه خاص للكافر لم يقض ما أمر به من الإيمان والطاعة، قاله يحيى بن سلام ولما ذكر خلق ابن آدم، ذكر رزقه ليعتبر وليستدل بالنبات على البعث، فقال [عز وجل]: (فلينظر الإنسان إلى طعامه) قال مقاتل: يعني به عتبة بن أبي لهب. ومعنى الكلام: فلينظر الإنسان كيف خلق الله طعامه الذي جعله سببا لحياته؟ ثم بين فقال [عز وجل]: (أنا) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر " إنا " بالكسر. وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي (أنا صببنا) بفتح الهمزة في الوصل وفي الابتداء، ووافقهم رويس على فتحها في الوصل، [فإذا ابتدأ] كسر. قال الزجاج: