عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أتقن كل شئ: أحصى كل شئ.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: الذي حسن خلق كل شئ. ذكر من قال ذلك:
21490 - حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله الذي أحسن كل شئ خلقه حسن على نحو ما خلق.
21491 - وذكر عن الحجاج، عن ابن جريج، عن الأعرج، عن مجاهد قال: هو مثل أعطى كل شئ خلقه ثم هدى قال: فلم يجعل خلق البهائم في خلق الناس، ولا خلق الناس في خلق البهائم ولكن خلق كل شئ فقدره تقديرا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أعلم كل شئ خلقه، كأنهم وجهوا تأويل الكلام إلى أنه ألهم خلقه ما يحتاجون إليه، وأن قوله أحسن إنما هو من قول القائل: فلان يحسن كذا إذا كان يعلمه. ذكر من قال ذلك:
21492 - حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن شريك، عن خصيف، عن مجاهد أحسن كل شئ خلقه قال: أعطى كل شئ خلقه، قال: الانسان إلى الانسان، والفرس للفرس، والحمار للحمار. وعلى هذا القول، الخلق والكل منصوبان بوقوع أحسن عليهما.
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب على قراءة من قرأه الذي أحسن كل شئ خلقه بفتح اللام قول من قال: معناه أحكم وأتقن، لأنه لا معنى لذلك إذ قرئ كذلك إلا أحد وجهين: إما هذا الذي قلنا من معنى الاحكام والاتقان أو معنى التحسين الذي هو في معنى الجمال والحسن فلما كان في خلقه ما لا يشك في قبحه وسماجته، علم أنه لم يعن به أنه أحسن كل ما خلق، ولكن معناه أنه أحكمه وأتقن صنعته. وأما على القراءة الأخرى التي هي بتسكين اللام، فإن أولى تأويلاته به قول من قال: معنى ذلك أعلم وألهم كل شئ خلقه، هو أحسنهم، كما قال الذي أعطى كل شئ خلقه ثم هدى لان ذلك أظهر معانيه. وأما الذي وجه تأويل ذلك إلى أنه بمعنى: الذي أحسن خلق كل شئ، فإنه جعل الخلق نصبا بمعنى التفسير، كأنه قال: الذي أحسن كل شئ خلقا منه. وقد كان بعضهم يقول: هو من المقدم الذي معناه التأخير، ويوجهه إلى أنه نظير قول الشاعر: