بالأمطار المادية المباركة.
ومن الملاحظ في سياق هذه الآية أنه يقول " يرسل السماء " فالسماء تكاد أن يهبط من شدة هطول الأمطار! وبما أنها أمطار رحمة وليست نقمة، فلذا لا تسبب خرابا وأضرارا، بل تبعث على الإعمار والبركة والحياة.
ثم يضيف: ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا وبهذا فإنه وعدهم بنعمة معنوية كبيرة، وبخمس نعم أخرى مادية كبيرة، والنعمة المعنوية الكبيرة هي غفران الذنوب والتطهير من درن الكفر والعصيان، وأما النعم المادية فهي هطول الأمطار المفيدة والمباركة في حينها، كثرة الأموال، كثرة الأولاد (الثروات الإنسانية)، الحدائق المباركة والأنهار الجارية.
نعم، إن الإيمان والتقوى يبعثان على عمران الدنيا والآخرة بشهادة القرآن المجيد، وورد في بعض الروايات ان قوم نوح المعاندين لما امتنعوا من قبول دعوته حل عليهم القحط وهلك كثير من أولادهم، وتلفت أموالهم، وأصاب نساءهم العقم، وقل عندهن الإنجاب، فقال لهم: نوح (عليه السلام): إن تؤمنوا فسيدفع عنكم كل هذه البلايا والمصائب، ولكنهم ما اتعظوا بذلك واستمروا في غيهم وطغيانهم حتى حل العذاب النهائي.
ويعود نوح (عليه السلام) مرة أخرى لينذرهم، فيقول: ما لكم لا ترجون لله وقارا (1)، ولا تخافون عقابه وقد خلقكم في مراحل مختلفة: ويقول أيضا:
وقد خلقكم أطوارا.
كنتم في البداية نطفة لا قيمة لها، ثم صوركم علقة ثم مضغة، ثم وهبكم الشكل الإنساني، ثم ألبسكم لباس الحياة، فوهب لكم الروح والحواس والحركة، وهكذا طويتم المراحل الحنينية المختلفة الواحدة بعد الأخرى، حتى