فسروه بالجزع، وبناء على التفسير الأول فإنه يشار إلى ثلاثة أمور رذيلة يتصف بها هؤلاء وهي: الحرص، والجزع، والبخل، وللتفسير الثاني صفتان هما: الجزع، والبخل، لأن الثانية والثالثة هي تفسير لمعنى الهلوع.
وهنا احتمال آخر وهو أن المعنيين يجتمعان في هذه الكلمة، لأن هاتين الصفتين متلازمتان مع بعضهما، فالناس الحريصون غالبا ما يكونون بخلاء، ويجزعون عند الشدائد، بالعكس أيضا صحيح.
وهنا يطرح هذا السؤال، وهو كيف أن الله خلق الإنسان للسعادة والكمال وجعل فيه الشر والسوء؟
وهل يمكن أن يخلق الله شيئا ذا متصفا بصفة، ثم وبعد يذم خلقه؟ بالإضافة إلى ذلك فإن القرآن الكريم يصرح في سورة التين الآية (4): لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم.
بالتأكيد ليس من أن ظاهر الإنسان حسن وباطنه سئ، بل إن الخلقة الكلية للإنسان هي في صورة " أحسن تقويم "، وهناك كذلك آيات أخرى تمدح المقام الرفيع للإنسان، فكيف تتفق هذه الآيات مع الآية التي نحن بصددها؟
أجوبة هذه الأسئلة تتضح بالالتفات إلى نقطة واحدة، وهي أن الله خلق القوى والغرائز والصفات في الإنسان كوسائل لتكامل الإنسان وبلوغ سعادته، لكن عندما يستخدمها الإنسان في الطريق المنحرف ويسئ تدبيرها والاستفادة منها فستكون العاقبة هي التعاسة والشر والفساد، فمثلا الحرص هو الذي لا يتيح فرصة للإنسان للتوقف عن السعي والحركة والاكتفاء بما لديه من نعمة وهو العطش المحرق الذي يسيطر على الإنسان، فلو أن هذه الصفة وقعت في طريق العلم لوجدنا الإنسان حريصا على التعلم، أو بعبارة أخرى يتعطش العلم ويعشقه، وبذلك سوف يكون سببا لكماله، وأما إذا أخذت مسيرها في الماديات فإنها ستكون سببا للتعاسة والبخل، وبتعبير آخر: إن هذا الصفة فرع من فروع حب