ثم يخاطب الله تعالى رسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في الآية الأخرى ويقول:
فاصبر صبرا جميلا.
المراد ب (الصبر الجميل) هو ما ليس فيه شائبة الجزع والتأوه والشكوى، وفي غير هذا الحال لا يكون جميلا. (1) ثم يضيف: إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا إنهم لا يصدقون بوجود مثل ذلك اليوم الذي يحاسب فيه جميع الخلائق حتى أصغر حديث وعمل لهم، وذلك في اليوم مقداره خمسون ألف سنة، ولكنهم في الواقع ما عرفوا الله وفي قلوبهم ريب بقدرة الله.
إنهم يقولون: كيف يمكن جمع العظام البالية والتراب المتناثر في كل حدب وصوب ثم يرد إلى الحياة؟ (وقد ذكر القرآن كلامهم هذا في كثير من آياته) ثم كيف يمكن أن يكون اليوم بمقدار خمسين ألف سنة.
الطريف أن العلم الحاضر يقول: إن مقدار كل يوم في أي من الأجرام السماوية يختلف عن بعضها الآخر، لأن دوران الجرم السماوي حول نفسه مرة واحدة تابع إلى فترة زمنية معينة، ولهذا فإن اليوم في القمر بمقدرا أسبوعين على ما هو في الأرض، حتى أنهم يقولون: يمكن أن تقل سرعة الحركة الوضعية للأرض وذلك بمرور الزمن ويصبح اليوم الواحد فيها كالشهر أو كالسنة أو مئات السنين، ونحن لا نقول، إن الزمان في يوم القيامة كذلك، بل نقول إن اليوم الذي يبلغ مقداره خمسين ألف سنة، ليس عجيبا في مقاييس عالم الدنيا.
* * *