تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٨٩
تعالى لا يقهره شئ في شئ البتة من ذاته ولا صفته ولا فعله وهو القاهر فوق كل شئ فليس بمحدود في شئ يرجع إليه، فهو موجود لا يشوبه عدم، وحق لا يعرضه بطلان، وهو الحي لا يخالطه موت، والعليم لا يدب إليه جهل، والقادر لا يغلبه عجز، والمالك والملك من غير أن يملك منه شئ، والعزيز الذي لا ذل له، وهكذا.
فله تعالى من كل كمال محضه، وإن شئت زيادة تفهم وتفقه لهذه الحقيقة القرآنية فافرض أمرا متناهيا وآخر غير متناه تجد غير المتناهى محيطا بالمتناهي بحيث لا يدفعه المتناهى عن كماله المفروض أي دفع فرضته، بل غير المتناهى مسيطر عليه بحيث لا يفقده المتناهى في شئ من أركان كماله، وغير المتناهى هو القائم على نفسه، الشهيد عليه، المحيط به، ثم انظر في ذلك إلى ما يفيده قوله تعالى: " أولم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد، ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم ألا إنه بكل شئ محيط " (حم السجدة: 54).
وهذا هو الذي يدل عليه عامة الآيات الواصفة لصفاته تعالى الواقعة في سياق الحصر أو الظاهر فيه كقوله تعالى: " الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى " (طه: 8)، وقوله: " ويعلمون أن الله هو الحق المبين " (النور: 25)، وقوله: " هو الحي لا إله إلا هو " (المؤمن: 65)، وقوله: " وهو العليم القدير " (الروم: 54)، وقوله: " أن القوة لله " جميعا " (البقرة: 165)، وقوله: " له الملك وله الحمد " (التغابن: 1)، وقوله: " إن العزة لله جميعا " (يونس: 65)، وقوله: " الحق من ربك " (البقرة: 147)، وقوله:
" أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى " (فاطر: 15)، إلى غير ذلك من الآيات.
فالآيات - كما ترى - تنادى بأعلى صوتها أن كل كمال مفروض فهو لله سبحانه بالأصالة، وليس لغيره شئ إلا بتمليكه تعالى له ذلك من غير أن ينعزل عما يملكه ويملكه كما ننعزل نحن معاشر الخليقة عما ملكناه غيرنا.
فكلما فرضنا شيئا من الأشياء ذا شئ من الكمال في قباله تعالى ليكون ثانيا له وشريكا عاد ما بيده من معنى الكمال لله سبحانه محضا، وهو الحق الذي يملك كل شئ، وغيره الباطل الذي لا يملك لنفسه شيئا قال تعالى: " لا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا " (الفرقان: 3).
وهذا المعنى هو الذي ينفى عنه تعالى الوحدة العددية إذ لو كان واحدا عدديا
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376