تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٨٧
والجودة والرداءة، والاستقامة والانحراف.
فهذا كله مما لا شك فيه، وقد قرر القرآن هذا الاختلاف في موارد من آياته الكريمة كقوله تعالى: " هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولوا الألباب " (الزمر: 9)، وقوله تعالى: " فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم " (النجم: 30)، وقوله تعالى: " فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا " (النساء: 87)، وقوله تعالى في ذيل الآية ال‍ 75 من المائدة (وهى من جملة الآيات التي نحن فيها): " انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون ".
ومن أظهر مصاديق هذا الاختلاف الفهمي اختلاف أفهام الناس في تلقى معنى توحده تعالى لما في أفهامهم من الاختلاف العظيم والنوسان الوسيع في تقرير مسألة وجوده تعالى على ما بينهم من الاتفاق على ما تعطيه الفطرة الانسانية بإلهامها الخفى وإشارتها الدقيقة.
فقد بلغ فهم آحاد من الانسان في ذلك أن جعل الأوثان المتخذة، والأصنام المصنوعة من الخشب والحجارة حتى من نحو الاقط والطينة المعمولة من أبوال الغنم شركاء لله، وقرناء له، يعبد كما تعبد هؤلاء، ويسأل كما تسأل هؤلاء، ويخضع له كما يخضع لها، ولم يلبث هذا الانسان دون أن غلب هذه الأصنام عليه تعالى بزعمه، وأقبل عليها وتركه، وأمرها على حوائجه وعزله.
فهذا الانسان قصارى ما يراه من الوجود له تعالى هو مثل ما يراه لآلهته التي خلقها بيده، أو خلقها إنسان مثله بيده، ولذلك كانوا يثبتون له تعالى من صفة الوحدة مثل ما يصفون به كل واحد من أصنامهم، وهى الوحدة العددية التي تتألف منها الاعداد، قال تعالى: " وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب، أجعل الالهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب " (ص: 6).
فهؤلاء كانوا يتلقون الدعوة القرآنية إلى التوحيد دعوة إلى القول بالوحدة العددية التي تقابل الكثرة العددية كقوله تعالى: " وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو " (البقرة: 163) وقوله تعالى: " هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين "
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376