تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ٢٥٥
لكنها جميعا قوانين كلية ضرورية إلا أنها ضرورية لا في أنفسها، وباقتضاء من ذواتها بل بما أفاده الله سبحانه عليها من الضرورة واللزوم، وإذا كانت هذه الحكومة العقلية القطعية من جهته تعالى وبأمره وإرادته فمن البين أن فعله تعالى لا يجبره تعالى على مؤدى نفسه، ولا يغلبه في ذاته فهو سبحانه القاهر الغالب فكيف يغلبه ما ينتهى إليه تعالى من كل جهة ويفتقر إليه في عينه وأثره، فافهم ذلك.
فمن المحال أن يكون العقل الذي يحكم بما يحكم بإفاضة، الله ذلك عليه أو تكون الحقائق التي إنما وجدت أحكامها وآثارها به تعالى، حاكمة عليه تعالى مقتضية فيه بالحكم والاقتضاء اللذين هو المبقى لهما القاهر الغالب عليهما، وبعبارة أخرى: ما في الأشياء من اقتضاء وحكم إنما هو أثر التمليك الذي ملكه الله إياها، ولا معنى لان يملك شئ بالملك الذي ملكه الله بعينه منه تعالى شيئا فهو تعالى مالك على الاطلاق غير مملوك بوجه من الوجوه أصلا.
فلو أثاب الله المجرم أو عاقب المثيب أو فعل أي فعل أراد لم يكن عليه ضير، ولا منعه مانع من عقل أو خارج إلا أنه تعالى وعدنا وأوعدنا بالسعادة والشقاء وحسن الجزاء وسوء الجزاء، وأخبرنا أنه لا يخلف الميعاد وأخبرنا من طريق الوحي أو العقل بأمور ثم ذكر أنه لا يقول إلا الحق فسكنت نفوسنا به واطمأنت قلوبنا إليه بما لا طريق للريب إليه، قال تعالى: " إن الله لا يخلف الميعاد " (آل عمران: 9)، (الرعد: 31) وقال تعالى: " والحق أقول " (ص: 84) وفي معناهما الضرورة العقلية في أحكامها.
وهذا الذي بينه هو مقتضى أسمائه تعالى فيما علمنا بتعليمه منها لكن من وراء ذلك أنه تعالى هو المالك على الاطلاق له أن يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، قال تعالى: " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون " (الأنبياء: 23)، وهذا المعنى بعينه اسم من أسمائه تعالى مجهول الكنه لا طريق إلى تعلق العلم به لاحد من خلقه فإن كل ما نعلمه من أسمائه فهو مما يحكيه مفهوم من المفاهيم ثم نشخص بنسبته آثاره في الوجود وأما الآثار التي لا طريق إلى تشخيصها في الوجود فهى لا محالة آثار لاسم لا طريق إلى الحصول على معناها وإن شئت فقل: إنه اسم لا يصطاد بمفهوم، وإنما يشير إليه صفة ملكه المطلق نوعا من الإشارة.
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376