" لا نشترى به ثمنا قليلا ولو كان ذا قربى " أي لا نشترى بالشهادة للوصي فيما يدعيه ثمنا قليلا ولو كان ذا قربى، واشتراء الثمن القليل بالشهادة أن ينحرف الشاهد في شهادته عن الحق لغاية دنيوية من مال أو جاه أو عاطفة قرابة فيبذل شهادته بإزاء ثمن دنيوي، وهو الثمن القليل.
وذكر بعضهم أن الضمير في قوله: " به " إلى اليمين أي لا نشتري بيميننا ثمنا، قليلا، ولازمه اجراء اليمين مرتين والآية بمعزل عن الدلالة على ذلك.
وقوله: " ولا نكتم شهادة الله " أي بالشهادة على خلاف الواقع " إنا إذا لمن الاثمين " الحاملين للإثم، والجملة معطوفة على قوله: " لا نشترى به ثمنا قليلا " كعطف التفسير.
وإضافة الشهادة إلى الله في قوله: " شهادة الله " إما لان الواقع يشهده الله سبحانه كما شهده الشاهدان فهو شهادته سبحانه كما هو شهادتهما والله أحق بالملك فهو شهادته تعالى حقا وبالأصالة و شهادتهما تبعا، وقد قال تعالى: " وكفى بالله شهيدا " (النساء: 79) وقال تعالى: " ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء " (البقرة: 255).
وإما لان الشهادة حق مجعول لله على عباده يجب عليهم أن يقيموها على وجهها من غير تحريف أو كتمان، وهذا كما يقال: دين الله، فينسب الدين إليه تعالى مع أن العباد هم المتلبسون به، قال تعالى: " وأقيموا الشهادة لله " (الطلاق: 3) وقال:
! ولا تكتموا الشهادة " (البقرة: 283).
وقوله: " فإن عثر على أنهما استحقا إثما " العثور على الشئ الحصول عليه ووجد انه، وهذه الآية بيان وتفصيل للحكم في صورة ظهور خيانة الشاهدين وكذبهما في شهادتهما.
والمراد باستحقاق الاثم الاجرام والجناية يقال: استحق الرجل أي أذنب، واستحق فلان إثما على فلان كناية عن إجرامه وجنايته عليه ولذا عدى بعلى في قوله تعالى ذيلا: " استحق عليهم الأوليان " أي أجرما وجنيا عليهم بالكذب والخيانة، وأصل معنى قولنا: استحق الرجل طلب أن يحق ويثبت فيه الاثم أو العقوبة فاستعماله الكنائي من قبيل إطلاق الطلب وإرادة المطلوب ووضع الطريق موضع الغاية، وإنما