ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الاثمين - 106. فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين - 107. ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدى القوم الفاسقين - 108. يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب - 109.
(بيان) الآيات الثلاث الأول في الشهادة، والأخيرة لا تخلو عن اتصال ما بها بحسب المعنى.
قوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم " إلى آخر الآيتين، محصل مضمون الآيتين أن أحدهم إذا كان على سفر فأراد أن يوصى فعليه أن يشهد حين الوصية شاهدين عدلين من المسلمين وإن لم يجد فشاهدين آخرين من غير المسلمين من أهل الكتاب فإن ارتاب أولياء الميت في أمر الوصية يحبس الشاهدان بعد الصلاة فيقسمان بالله على صدقهما فيما يشهدان عليه وترفع بذلك الخصومة، فإن اطلعوا على أن الشاهدين كذبا في شهادتهما أو خانا في الامر فيوقف شاهدان آخران مقام الشاهدين الأولين فيشهدان على خلافهما ويقسمان بالله على ذلك.
فهذا ما تفيده الآيتان بظاهرهما فقوله: " يا أيها الذين آمنوا " خطاب للمؤمنين والحكم مختص " بهم شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم " أي شهادة بينكم شهادة ذوي عدل منكم، ففي جانب الخبر مضاف مقدر، أو شهداء بينكم ذوا عدل منكم، والمراد أن عدد الشهود اثنان فالمصدر - الشهادة - بمعنى اسم الفاعل كقولهم: رجل عدل ورجلان عدل.