تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ١٨٨
اشتغال بأمر النفس.
ومن زعم أن رابطة السببية والمسببية إنما هي بين أجساد هذه الأعمال وبين الغايات الأخروية مثلا من روح وريحان وجنة نعيم، أو بينها وبين الغايات الدنيوية الغريبة التي لا تعمل الأسباب الطبيعية فيها، كالتصرف في إدراكات النفوس وأنواع إرادتها والتحريكات من غير محرك والاطلاع على الضمائر والحوادث المستقبلة والاتصال بالروحانيات والأرواح ونحو ذلك، أو زعم أن العمل يستتبع الأثر من غير رابطة حقيقية أو بمجرد إرادة إلهية من غير مخصص فقد غر نفسه.
6 - إياك أن يشتبه عليك الامر فتستنتج من الأبحاث السابقة أن الدين هو العرفان والتصوف أعني معرفة النفس كما توهمه بعض الباحثين من الماديين فقسم المسلك الحيوي الدائر بين الناس إلى قسمين: المادية والعرفان وهو الدين.
وذلك أن الذي يعقد عليه الدين أن للانسان سعادة حقيقية ليس ينالها إلا بالخضوع لما فوق الطبيعة ورفض الاقتصار على التمتعات المادية، وقد انتجت الأبحاث السابقة:
أن الأديان أيا ما كانت من حق أو باطل تستعمل في تربية الناس وسوقهم إلى السعادة التي تعدهم إياها وتدعوهم إليها إصلاح النفس و تهذيبها إصلاحا وتهذيبا يناسب المطلوب، وأين هذا من كون عرفان النفس هو الدين.
فالدين يدعو إلى عبادة الاله سبحانه من غير واسطة أو بواسطة الشفعاء والشركاء لان فيها السعادة الانسانية والحياة الطيبة التي لا بغية للانسان دونها، ولا ينالها الانسان ولن ينالها إلا بنفس طاهرة مطهرة من ألواث التعلق بالماديات والتمتعات المرسلة الحيوانية، فمست الحاجة إلى أن يدرج في أجزاء دعوته إصلاح النفس وتطهيرها ليستعد المنتحل به المتربى في حجره للتلبس بالخير والسعادة، ولا يكون كمن يتناول الشئ بإحدى يديه ويدفعه بالأخرى، فالدين أمر وعرفان النفس أمر آخر وراءه، وإن استلزم الدين العرفان نوعا من الاستلزام.
وبنظير البيان يتبين أن طرق الرياضة، والمجاهدة المسلوكة لمقاصد متنوعة غريبة عن العادة أيضا غير عرفان النفس وإن ارتبط البعض بالبعض نحوا من الارتباط.
نعم لنا أن نقضي بأمر وهو أن عرفان النفس بأي طريق من الطرق فرض السلوك
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376