تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج ٦ - الصفحة ١٦٧
وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " (الشمس:
10) فالآيات - كما ترى - تضع النفس المسواة في جانب وهو مبدء الحال، والفلاح والخيبة في جانب وهو الغاية ومنتهى المسير، ثم تبنى الغايتين أعني الفلاح والخيبة على تزكية النفس وتدسيتها وذلك مرحلة الأخلاق، ثم تبنى الفضيلة والرذيلة على التقوى والفجور أعني الأعمال الصالحة والطالحة التي تنطق الآيات بأن الانسان ملهم بها من جانب الله تعالى.
والآيات في بيانها لا تتعدى طور النفس بمعنى أنها تعتبر النفس هي المخلوقة المسواة وهى التي أضيف إليها الفجور والتقوى، وهى التي تزكى وتدسى، وهى التي يفلح فيها الانسان ويخيب، وهذا كما عرفت جرى على مقتضى التكوين.
لكن هذه الحقيقة التكوينية أعني كون الانسان في حياته سائرا في مسير نفسه لا يسعه التخطي عنها ولو بخطوة، ولا تركها والخروج منها ولو لحظة، لا يتساوى حال من تنبه له وتذكر به تذكرا لازما لا يتطرق إليه نسيان، وحال من غفل عنه ونسى الواقع الذي لا مفر له منه، وقد قال تعالى: " هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر اولوا الألباب " (الزمر: 9).
وقال تعالى: " فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى، ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا، ونحشره يوم القيامة أعمى، قال ربى لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا، قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى " (طه: 126).
وذلك أأن المتنبه إلى هذه الحقيقة حيثما يلتفت إلى حقيقة موقفه من ربه ونسبته إلى سائر أجزاء العالم وجد نفسه منقطعة عن غيره وقد كان يجدها على غير هذا النعت ومضروبا دونها الحجاب لا يمسها بالإحاطة والتأثير إلا ربها المدبر لأمرها الذي يدفعها من ورائها ويجذبها إلى قدامها بقدرته وهدايته، ووجدها خالية بربها ليس لها من دونه من وال، وعند ذلك يفقه معنى قوله تعالى: " إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون " بعد قوله: " عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم " ومعنى قوله تعالى:
" أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها " (الانعام: 122).
(١٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (بحث قرآني) سورة المائدة 5
2 (68 - 86) كلام في معنى التوحيد في القرآن (بحث قرآني) 86
3 (68 - 86) أيضا فيه 91
4 (68 - 86) أيضا فيه 103
5 (105) عرفان النفس في تسعة فصول 178
6 (106 - 109) في معنى الشهادة (بحث قرآني) 203
7 (106 - 109) في معنى العدالة (بحث قرآني) 204
8 (106 - 109) في اليمين (بحث قرآني) 208
9 (116 - 120) في الأدب في فصول: (بحث قرآني) 256
10 (116 - 120) 1 - معنى الأدب (بحث قرآني) 256
11 (116 - 120) 2 - اختلاف الآداب (بحث قرآني) 257
12 (116 - 120) 3 - معنى الأدب الإلهي (بحث قرآني) 257
13 (116 - 120) 4 - الأدب انما ينتج مع العمل (بحث قرآني) 258
14 (116 - 120) 5 - أدب النبوة العام اجمالا (بحث قرآني) 260
15 (116 - 120) 6 - أدب الأنبياء المحكي في القرآن تفصيلا (بحث قرآني) 264
16 (116 - 120) 7 - أدبهم مع ربهم بين الناس (بحث قرآني) 295
17 (116 - 120) 8 - أدب الأنبياء مع الناس (بحث قرآني) 297
18 (116 - 120) في سنن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وآدابه خاصة (بحث روائي) 302
19 كلام في الرق والاستعباد في فصول: (بحث تاريخي واجتماعي) 338
20 (116 - 120) 1 - اعتبار العبودية لله سبحانه (بحث تاريخي واجتماعي) 339
21 (116 - 120) 2 - استعباد الانسان أسبابه (بحث تاريخي واجتماعي) 341
22 (116 - 120) 3 - نشوء الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
23 (116 - 120) 4 - ما الذي يراه الاسلام في ذلك؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 343
24 (116 - 120) 5 - ما هو السبيل إلى الاستعباد في الاسلام (بحث تاريخي واجتماعي) 346
25 (116 - 120) 6 - ما هي سيرة الاسلام في العبيد والإماء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 346
26 (116 - 120) 7 - محصل البحث في الفصول السابقة (بحث تاريخي واجتماعي) 347
27 (116 - 120) 8 - سير الاستعباد في التاريخ (بحث تاريخي واجتماعي) 348
28 (116 - 120) 9 - نظرة في بنائهم (بحث تاريخي واجتماعي) 350
29 (116 - 120) 10 - ما مقدار التحديد؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 352
30 (116 - 120) 11 - إلى م آل امر الإلغاء؟ (بحث تاريخي واجتماعي) 353
31 (116 - 120) كلام في المجازاة والعفو في فصول: (بحث قرآني) 358
32 (116 - 120) 1 - ما معنى الجزاء؟ (بحث قرآني) 358
33 (116 - 120) 2 - هل يعد المطيع عبدا للمطاع (بحث قرآني) 361
34 (116 - 120) 3 - العفو والمغفرة (بحث قرآني) 361
35 (116 - 120) 4 - للعفو مراتب (بحث قرآني) 363
36 (116 - 120) 5 - هل المؤاخذة أو المغفرة تستلزم ذنبا؟ (بحث قرآني) 372
37 (116 - 120) 6 - رابطة العمل والجزاء (بحث قرآني) 374
38 (116 - 120) 7 - والعمل يؤدي الرابطة إلى النفس (بحث قرآني) 376