معا وإلا لغى القيد.
والجواب: أنه ليس قيدا احترازيا لاخراج ما هو رزق غير حلال ولا طيب بل قيد توضيحي مساو لمقيده، والنكتة في الاتيان به بيان أن كونه حلالا طيبا لا يدع عذرا لمعتذر في الاجتناب والكف عنه على ما تقدم، وقد تقدم الكلام في معنى الرزق في ذيل الآية ال 27 من سورة آل عمران في الجزء الثالث من هذا الكتاب.
قوله تعالى: " لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان " اللغو ما لا يترتب عليه أثر من الأعمال، والايمان جمع يمين وهو القسم والحلف، قال الراغب في المفردات: واليمين في الحلف مستعار من اليد اعتبارا بما يفعله المعاهد والمحالف وغيره، قال تعالى: أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة، وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يؤاخذكم الله باللغو " في أيمانكم " انتهى، والتعقيد مبالغة في العقد وقرئ: عقدتم بالتخفيف، وقوله: " في أيمانكم " متعلق بقوله: " لا يؤاخذكم " أو بقوله: " باللغو " وهو أقرب.
والتقابل الواقع بين قوله: " باللغو في أيمانكم " وقوله: " بما عقدتم الايمان " يعطى أن المراد باللغو في الايمان ما لا يعقد عليه الحالف، وإنما يجرى على لسانه جريا لعادة اعتادها أو لغيرها وهو قولهم - وخاصة في قبيل البيع والشرى -: لا والله، بلى والله، بخلاف ما عقد عليه عقدا بالالتزام بفعل أو ترك كقول القائل: والله لأفعلن كذا، ووالله لا تركن كذا.
هذا هو الظاهر من الآية، ولا ينافي ذلك يعد شرعا قول القائل: والله لأفعلن المحرم الفلاني، والله لا تركن الواجب الفلاني مثلا من لغو اليمين لكون الشارع ألغى اليمين فيما لا رجحان فيه، فإنما هو إلحاق من جهة السنة، وليس من الواجب أن يدل القرآن على خصوص كل ما ثبت بالسنة بخصوصه.
وأما قوله: " ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان " فلا يشمل إلا اليمين الممضاة شرعا لمكان قوله في ذيل الآية: " واحفظوا أيمانكم " فإنه لا مناص عن شموله لهذه الايمان بحسب إطلاق لفظه، ولا معنى للامر بحفظ الايمان التي ألغى الله سبحانه اعتبارها فالمتعين أن اللغو من الايمان في الآية مالا عقد فيه، وما عقد عليه هو اليمين الممضاة