يشقيهم بعين ما يحسبونه سعادة لأنفسهم ويخيب سعيهم في ما يظنونه فوزا لأنفسهم قال تعالى ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين: آل عمران - 54 وقال ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله: فاطر - 43 وقال ليمكروا فيها وما يمكرون إلا بأنفسهم وما يشعرون: الانعام - 123 وقال سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملى لهم إن كيدي متين: الأعراف - 183 فما يتبجح به المغرور الجاهل بأمر الله أنه سبق ربه في ما أراده منه بالمخالفة والتمرد فإنه يعينه على نفسه فيما أراده قال تعالى أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون: العنكبوت - 4 ومن أعجب الآيات في هذا الباب قوله تعالى فلله المكر جميعا: الرعد - 42.
فجميع هذه المماكرات والمخالفات والمظالم والتعديات التي تظهر من هؤلاء بالنسبة إلى الوظائف الدينية وكل ما يستقبلهم من حوادث الأيام ويظهر بها منهم ما أضمروه في قلوبهم ودعتهم إلى ذلك أهواؤهم مكر إلهي وإملاء واستدراج فإن من حقهم على الله أن يهديهم إلى عاقبة أمرهم وخاتمته وقد فعل والله غالب على أمره.
وهذه الأمور بعينها إذا نسبت إلى الشيطان كانت أقسام الكفر والمعاصي إغواء منه لهم والنزوع إليها دعوة ووسوسة ونزعة ووحيا وإضلالا والحوادث الداعية وما يجرى مجراها زينة له ووسائل وحبائل وشبكات منه على ما سيجئ بيانه في سورة الأعراف إن شاء الله تعالى.
وأما المؤمن الذي رسخ في قلبه الايمان فما تظهر منه من الطاعات والعبادات وكذا الحوادث التي تستقبله فيظهر منه عندها ذلك ينطبق عليها مفهوم التوفيق والولاية الإلهية والهداية بالمعنى الأخص نوع انطباق قال تعالى والله يؤيد بنصره من يشاء: آل عمران - 13 وقال والله ولى المؤمنين: آل عمران - 68 وقال الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور: البقرة - 257 وقال يهديهم ربهم بإيمانهم: يونس - 9 وقال أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشى به في الناس: الانعام - 122 هذا إذا نسبت هذه الأمور إلى الله سبحانه وأما إذا نسبت إلى الملائكة فتسمى تأييدا وتسديدا منهم قال تعالى أولئك كتب في