قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه: المجادلة - 22.
ثم إنه كما أن الهداية العامة تصاحب الأشياء من بدء كونها إلى آخر أحيان وجودها ما دامت سالكة سبيل الرجوع إلى الله سبحانه كذلك المقادير تدفعها من ورائها كما هو ظاهر قوله تعالى والذي قدر فهدى: الاعلى - 3 فإن المقادير التي تحملها العلل والأسباب المحتفة بوجود الشئ هي التي تحول الشئ من حال أولى إلي حال ثانية وهلم جرا فهى لا تزال تدفع الأشياء من ورائها.
وكما أن المقادير تدفعها من ورائها كذلك الآجال وهى آخر ما ينتهى إليه وجود الأشياء تجذبها من أمامها كما يدل عليه قوله تعالى ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى والذين كفروا عما أنذروا معرضون: الأحقاف - 3 فإن الآية تربط الأشياء بغاياتها وهى الآجال والشيئان المرتبطان إذا قوى أحدهما على الآخر كان حاله بالنسبة إلى قرينه هو المسمى جذبا والآجال المسماة أمور ثابتة غير متغيرة فهى تجذب الأشياء من أمامها وهو ظاهر.
فالأشياء محاطة بقوى إلهية قوة تدفعها وقوة تجذبها وقوة تصاحبها وتربيها وهى القوى الأصلية التي تثبتها القرآن الكريم غير القوى الحافظة والرقباء والقرناء كالملائكة والشياطين وغير ذلك.
ثم إنا نسمى نوع التصرفات في الشئ إذا قصد به مقصد لا يظهر حاله بالنسبة إليه هل له صلوحه أو ليس له بالامتحان والاختبار فإنك إذا جهلت حال الشئ أنه هل يصلح لأمر كذا أو لا يصلح أو علمت باطن أمره ولكن أردت أن يظهر منه ذلك أوردت عليه أشياء مما يلائم المقصد المذكور حتى يظهر حاله بذلك هل يقبلها لنفسه أو يدفعها عن نفسه وتسمى ذلك امتحانا واختبارا واستعلاما لحاله أو ما يقاربها من الألفاظ.
وهذا المعنى بعينه ينطبق على التصرف الإلهي بما يورده من الشرائع والحوادث الجارية على اولي الشعور والعقل من الأشياء كالانسان فإن هذه الأمور يظهر بها حال الانسان بالنسبة إلى المقصد الذي يدعى إليه الانسان بالدعوة الدينية فهى امتحانات الهية.
وإنما الفرق بين الامتحان الإلهي وما عندنا من الامتحان أنا لا نخلو غالبا عن