كل تلك الأعمال التي أبى شرف الاسلام ارتكاب شئ منها مع الأعداء في كل ما كان له من المعارك والحروب قد ارتكبتها بأفظع صورها وأهول أنواعها الدول المتمدنة في هذا العصر الذي يسمونه عصر النور نعم أباح عصر النور قتل النساء والأطفال والشيوخ والمرضى والتبييت ليلا والهجوم ليلا بالسلاح والقنابل على العزل والمدنيين الآمنين وأباح القتل بالجملة.
ألم يرسل الألمان في الحرب العالمية الثانية القنابل الصاروخية إلى لندن فهدمت المباني وقتلت النساء والأطفال والسكان الآمنين؟!
ألم يقتل الألمان ألوف الاسرى؟!
ألم يرسل الحلفاء في الحرب الماضية ألوف الطائرات إلى ألمانيا لتخريب مدنها؟! ألم يرم الأمريكان القنابل الذرية إلى المدن اليابانية.
وبعد اختراع وسائل الدمار الحديثة كالصواريخ والقنابل الذرية والهيدروجينية لا يعلم إلا الله ماذا يحل بالأرض من عذاب وخراب ومآسي وآلام إذا حدثت حرب عالمية ثالثة ولجأت الدول المتحاربة إلى استعمال تلك الوسائل أرشد الله الانسان إلى طريق الصواب وهداه الصراط المستقيم انتهى.
قوله تعالى وآتوا اليتامى أموالهم إلى آخر الآية أمر بإيتاء اليتامى أموالهم وهو توطئة للجملتين اللاحقتين ولا تتبدلوا إلخ أو الجملتان كالمفسر لهذه الجملة غير أن التعليل الذي في آخر الآية لكونه راجعا إلى الجملتين أو الجملة الأخيرة يؤيد أن الجملة الأولى موضوعة في الكلام تمهيدا للنهي الذي في الجملتين اللاحقتين.
أصل النهي عن التصرف المضار في أموال اليتامى كما تقدم بيانه توطئة وتمهيد لما سيذكر من أحكام الإرث ولما سيذكر في الآية التالية من حكم التزوج.
وأما قوله تعالى ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب أي لا تتبدلوا الخبيث من أموالكم من الطيب من أموالهم بأن يكون لهم عندكم مال طيب فتعزلوه لأنفسكم وتردوا إليهم ما يعادله من ردي أموالكم ويمكن أن يكون المراد لا تتبدلوا أكل الحرام من أكل الحلال كما قيل لكن المعنى الأول أظهر فإن الظاهر أن كلا من الجملتين أعني قوله ولا تتبدلوا الخ وقوله ولا تأكلوا الخ بيان لنوع خاص من التصرف غير الجائز وقوله وآتوا اليتامى الخ تمهيد لبيانهما معا وأما قوله إنه كان حوبا كبيرا