كان الخطاب متوجها إلى أفراد الناس وقد جئ بواو التفصيل بين مثنى وثلاث ورباع الدال على التخيير أفاد الكلام أن لكل واحد من المؤمنين أن يتخذ لنفسه زوجتين أو ثلاثا أو أربعا فيصرن بالإضافة إلى الجميع مثنى وثلاث و رباع.
وبذلك وبقرينة قوله بعده وإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم وكذا آية المحصنات بجميع ذلك يدفع أن يكون المراد بالآية أن تنكح الاثنتان بعقد واحد أو الثلاث بعقد واحد مثلا أو يكون المراد أن تنكح الاثنتان معا ثم الاثنتان معا وهكذا وكذا في الثلاث والأربع أو يكون المراد اشتراك أزيد من رجل واحد في الزوجة الواحدة مثلا فهذه محتملات لا تحتملها الآية.
على أن الضرورة قاضية أن الاسلام لا ينفذ الجمع بين أزيد من أربع نسوة أو اشتراك أزيد من رجل في زوجة واحدة.
وكذا يدفع بذلك احتمال أن يكون الواو للجمع فيكون في الكلام تجويز الجمع بين تسع نسوة لان مجموع الاثنتين والثلاث والأربع تسع وقد ذكر في المجمع أن الجمع بهذا المعنى غير محتمل البتة فأن من قال دخل القوم البلد مثنى وثلاث ورباع لم يلزم منه اجتماع الاعداد فيكون دخولهم تسعة تسعة ولان لهذا العدد لفظا موضوعا وهو تسع فالعدول عنه إلى مثنى وثلاث ورباع نوع من العي جل كلامه عن ذلك وتقدس.
قوله تعالى وأن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أي فانكحوا واحدة لا أزيد وقد علقه تعالى على الخوف من ذلك دون العلم لان العلم في هذه الأمور ولتسويل النفس فيها أثر بين لا يحصل غالبا فتفوت المصلحة.
قوله تعالى أو ما ملكت أيمانكم وهى الإماء فمن خاف أن لا يقسط فيهن فعليه أن ينكح واحدة وأن أحب أن يزيد في العدد فعليه بالإماء إذ لم يشرع القسم في الإماء.
ومن هنا يظهر أن ليس المراد التحضيض على الإماء بتجويز الظلم والتعدي عليهن فأن الله لا يحب الظالمين وليس بظلام للعبيد بل لما لم يشرع القسم فيهن فأمر العدل فيهن أسهل ولهذه النكتة بعينها كان المراد بذكر ملك اليمين الاكتفاء باتخاذهن وإتيانهن بملك اليمين دون نكاحهن بما يبلغ العدد أو يكثر عليه فأن مسألة نكاحهن