معنى الاختيار فيناسب الاغتسال، بخلاف الأول فإنه حصول الطهارة، فليس فيه معنى الاختيار فيناسب الطهارة بانقطاع الدم، والمراد بالتطهر إن كان هو الغسل بفتح الغين أفاد استحباب ذلك، وإن كان هو الغسل بضم الغين أفاد استحباب الاتيان بعد الغسل كما أفاده عليه السلام بقوله: والغسل أحب إلى، لا حرمة الاتيان قبله أعني فيما بين الطهارة والتطهر لمنافاته كون يطهرن غاية مضروبة للنهي، فافهم ذلك.
وفي الكافي أيضا عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، قال: كان الناس يستنجون بالكرسف والأحجار ثم أحدث الوضوء وهو خلق كريم فأمر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صنعه فأنزل الله في كتابه: إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين.
أقول: والاخبار في هذا المعنى كثيرة، وفي بعضها: ان أول من استنجى بالماء براء بن عازب فنزلت الآية وجرت به السنة.
وفيه عن سلام بن المستنير، قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فدخل عليه حمران بن أعين وسأله عن أشياء، فلما هم حمران بالقيام قال لأبي جعفر عليه السلام: أخبرك أطال الله بقاك وأمتعنا بك -: إنا نأتيك فما نخرج من عندك حتى يرق قلوبنا وتسلو أنفسنا عن الدنيا وهون علينا ما في أيدي الناس من هذه الأموال، ثم نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس والتجار أحببنا الدنيا، قال: فقال أبو جعفر عليه السلام إنما هي القلوب، مرة تصعب ومرة تسهل ثم قال أبو جعفر عليه السلام أما إن أصحاب محمد قالوا يا رسول الله نخاف علينا من النفاق؟ قال: فقال صلى الله عليه وآله وسلم: ولم تخافون ذلك؟ قالوا:
إذا كنا عندك فذكرتنا ورغبتنا وجلنا ونسينا الدنيا وزهدنا حتى كنا نعاين الآخرة والجنة والنار ونحن عندك، فإذا خرجنا من عندك ودخلنا هذه البيوت - وشممنا الأولاد ورأينا العيال والاهل يكاد ان نحول عن الحالة التي كنا عليها عندك، وحتى كأنا لم نكن على شئ، أفتخاف علينا ان يكون ذلك نفاقا؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كلا إن هذه خطوات الشيطان فيرغبكم في الدنيا، والله لو تدومون على الحالة التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة، ومشيتم على الماء، ولولا انكم تذنبون فتستغفرون الله تعالى لخلق خلقا حتى يذنبوا فيستغفروا الله تعالى فيغفر لهم، ان المؤمن مفتن تواب، أما سمعت قول الله عز وجل: إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين، وقال تعالى: