تزوج بهن، فتقييد الأمة بكونها مؤمنة، وإطلاق المشركة مع ما كان عليه الناس من استحقار أمر الإماء واستذلالهن، والتحرز عن التزوج بهن يدل على أن المراد أن المؤمنة وان كانت أمة خير من المشركة وان كانت حرة ذات حسب ونسب ومال مما يعجب الانسان بحسب العادة.
وقيل: ان المراد بالأمة كالعبد في الجملة التالية أمة الله وعبده، وهو بعيد.
قوله تعالى: ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن " الخ "، الكلام فيه كالكلام في الجملة السابقة.
قوله تعالى: أولئك يدعون إلى النار والله يدعوا إلى والمغفرة والجنة بإذنه، إشارة إلى حكمة الحكم بالتحريم، وهو ان المشركين لاعتقادهم بالباطل، وسلوكهم سبيل الضلال رسخت فيهم الملكات الرذيلة المزينة للكفر والفسوق، والمعمية عن أبصار طريق الحق والحقيقة، فأثبتت في قولهم وفي فعلهم الدعوة إلى الشرك، والدلالة إلى البوار، والسلوك بالآخرة إلى النار فهم يدعون إلى النار، والمؤمنون - بخلافهم - بسلوكهم سبيل الايمان، وتلبسهم بلباس التقوى يدعون بقولهم وفعلهم إلى الجنة والمغفرة بإذن الله حيث أذن في دعوتهم إلى الايمان، واهتدائهم إلى الفوز والصلاح المؤدي إلى الجنة والمغفرة.
وكان حق الكلام أن يقال: وهؤلاء يدعون إلى الجنة " الخ " ففيه استخلاف عن المؤمنين ودلالة على أن المؤمنين في دعوتهم بل في مطلق شؤونهم الوجودية إلى ربهم، لا يستقلون في شئ من الأمور دون ربهم تبارك وتعالى وهو وليهم كما قال سبحانه:
" والله ولي المؤمنين " آل عمران - 68.
وفي الآية وجه آخر: وهو ان يكون المراد بالدعوة إلى الجنة والمغفرة هو الحكم المشرع في صدر الآية بقوله تعالى: ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " الخ "، فان جعل الحكم لغرض ردع المؤمنين عن الاختلاط في العشرة مع من لا يزيد القرب منه والانس به الا البعد من الله سبحانه، وحثهم بمخالطة من في مخالطته التقرب من الله سبحانه وذكر آياته ومراقبة امره ونهيه دعوة من الله إلى الجنة، ويؤيد هذا الوجه تذييل هذه الجملة بقوله تعالى: ويبين آياته للناس لعلهم يتذكرون، ويمكن ان يراد