لها خارجة عن النفس الانسانية، ولعله إليه الإشارة بإضافة الفجور والتقوى إلى النفس.
وقال تعالى: " وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون " العنكبوت - 64، فإن اللعب لا حقيقة له إلا الخيال فقط، كذا الحياة الدنيا: من جاه ومال وتقدم وتأخر ورئاسة ومرؤوسية وغير ذلك إنما هي أمور خيالية لاواقع لها في الخارج عن ذهن الذاهن، بمعنى ان الذي في الخارج إنما هو حركات طبيعية يتصرف بها الانسان في المادة من غير فرق في ذلك بين أفراد الانسان وأحواله.
فالموجود بحسب الواقع من " الانسان الرئيس " إنسانيته، وأما رئاسته فإنما هي في الوهم، ومن " الثوب المملوك " الثوب مثلا، وأما انه مملوك فأمر خيالي لا يتجاوز حد الذهن، وعلى هذا القياس.
(جريه على استخدام غيره انتفاعا) فهذه السلسلة من العلوم والادراكات هي التي تربط الانسان بالعمل في المادة، ومن جملة هذه الأفكار والتصديقات تصديق الانسان بأنه يجب ان يستخدم كل ما يمكنه استخدامه في طريق كماله، وبعبارة أخرى إذعانه بأنه ينبغي أن ينتفع لنفسه، ويستبقي حياته بأي سبب أمكن، وبذلك يأخذ في التصرف في المادة، ويعمل آلات من المادة، يتصرف بها في المادة كاستخدام السكين للقطع، واستخدام الابرة للخياطة، واستخدام الاناء لحبس المايعات، واستخدام السلم للصعود، إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة، ولا يحد من حيث التركيب والتفصيل، وأنواع الصناعات والفنون المتخذة لبلوغ المقاصد والاغراض المنظور فيها.
وبذلك يأخذ الانسان أيضا في التصرف في النبات بأنواع التصرف، فيستخدم أنواع النبات بالتصرف فيها في طريق الغذاء واللباس والسكنى وغير ذلك، وبذلك يستخدم أيضا أنواع الحيوان في سبيل منافع حياته، فينتفع من لحمها ودمها وجلدها