(وإذ قال موسى لقومه، إلى أن قال: يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين إلى أن قال تعالى: قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فأذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) المائدة - 24، وقال تعالى: (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله) البقرة - 246، إلى آخر قصة طالوت وجالوت.
وقال تعالى في قصة سليمان وملكة سبأ: (ألا تعلوا على وأتوني مسلمين) - إلى أن قال تعالى -: (ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذله وهم صاغرون) النمل - 37، ولم يكن هذا الذي كان يهددهم بها بقوله: فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها (إلخ) إلا قتالا ابتدائيا عن دعوة ابتدائية.
(بحث اجتماعي) لا ريب أن الاجتماع أينما وجد كاجتماع نوع الانسان وسائر الاجتماعات المختلفة النوعية التي نشاهدها في أنواع من الحيوان فإنما هو مبني على أساس الاحتياج الفطري الموجود فيها الذي يراد به حفظ الوجود والبقاء.
وكما أن الفطرة والجبلة أعطتها حق التصرف في كل ما تنتفع بها في حياتها من حفظ الوجود والبقاء كالانسان يتصرف في الجماد والنبات والحيوان حتى في الانسان بأي وسيلة ممكنة فيرى لنفسه حقا في ذلك وإن زاحم حقوق غيره من الحيوان وكمال غيره من النبات والجماد، وكأنواع الحيوان في تصرفاتها في غيرها وإذعانها بأن لها حقا في ذلك كذلك أعطتها حق الدفاع عن حقوقها المشروعة لها بحسب فطرتها إذ كان لا يتم حق التصرف بدون حق الدفاع فالدار دار التزاحم، والناموس ناموس التنازع في البقاء، فكل نوع يحفظ وجوده وبقائه بالشعور والحركة يرى لنفسه حق الدفاع عن حقوقه بالفطرة ويذعن بأن ذلك مباح له كما يذعن بإباحة تصرفه المذكور، ويدل على ذلك ما نشاهده في أنواع الحيوان: من أنها تتوسل عند التنازع بأدواتها البدنية الصالحة لان تستعمل في الدفاع كالقرون والأنياب والمخالب والأظلاف والشوك والمنقار وغير ذلك، وبعضها الذي لم يتسلح بشئ من هذه الأسلحة الطبيعية القوية