للوجود بخلاف الحسنات، ولذلك كان القول الحسن والفعل الحسن منشأ كل جمال وحسن، ومنبع كل خير وسعادة كالثبات والبقاء، والبركة والنفع دون السيئ من القول والفعل، قال تعالى: " أنزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا رابيا ومما يوقدون عليه في النار ابتغاء حليه أو متاع زبد مثله كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاءا واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض " الرعد: 17.
ومن احكام الأعمال: ان الحسنات من الأقوال والافعال مطابقة لحكم العقل بخلاف السيئات من الافعال والأقوال، وقد مر أن الله سبحانه وضع ما بينه للناس على أساس العقل (ونعني بالعقل ما يدرك به الانسان الحق والباطل، ويميز به الحسن من السيئ).
ولذلك أوصى باتباعه ونهى عن كل ما يوجب اختلال حكومته كشرب الخمر والقمار واللهو والغش والغرر في المعاملات، وكذا نهى عن الكذب والافتراء والبهتان والخيانة والفتك وجميع ما يوجب خروج العقل عن سلامة الحكم فإن هذه الأفعال والأعمال توجب خبط العقل الانساني في عمله وقد ابتنيت الحياة الانسانية على سلامة الادراك والفكر في جميع شؤون الحياة الفردية والاجتماعية.
وأنت إذا حللت المفاسد الاجتماعية والفردية حتى في المفاسد المسلمة التي لا ينكرها منكر وجدت ان الأساس فيها هي الأعمال التي يبطل بها حكومة العقل، وان بقية المفاسد وان كثرت وعظمت مبنية عليها، ولتوضيح الامر في هذا المقام محل آخر سيأتي إنشاء الله تعالى.
(بحث روائي) في الدر المنثور: أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال يا ابن عباس ارض عن الله بما قدر وإن كان خلاف هواك فإن ذلك مثبت في كتاب الله، قلت: يا رسول الله فأين وقد قرأت القرآن؟ قال وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون.