فأنزل: " فأتوا حرثكم أنى شئتم " أي قائما وقاعدا ومضطجعا بعد أن يكون في صمام واحد.
أقول: وقد روي في هذا المعنى بعدة طرق عن الصحابة في سبب نزول الآية، وقد مرت الرواية فيه عن الرضا (عليه السلام).
وقوله: في صمام واحد أي في مسلك واحد، كناية عن كون الاتيان في الفرج فقط، فإن الروايات متكاثرة من طرقهم في حرمة الاتيان من أدبار النساء، رووها بطرق كثيرة عن عدة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقول أئمة أهل البيت وإن كان هو الجواز على كراهة شديدة على ما روته أصحابنا بطرقهم الموصولة إليهم عليهم السلام إلا أنهم عليهم السلام لم يتمسكوا فيه بقوله تعالى: نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم الآية، كما مر بيانه بل استدلوا عليه بقوله تعالى حكاية عن لوط:
قال: " إن هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين " الحجر - 71، حيث عرض " عليه السلام " عليهم بناته وهو يعلم أنهم لا يريدون الفروج ولم ينسخ الحكم بشئ من القرآن.
والحكم مع ذلك غير متفق عليه فيما رووه من الصحابة، فقد روي عن عبد الله ابن عمر ومالك بن أنس وأبي سعيد الخدري وغيرهم: أنهم كانوا لا يرون به بأسا وكانوا يستدلون على جوازه بقوله تعالى: نسائكم حرث لكم الآية حتى أن المنقول عن ابن عمر أن الآية إنما نزلت لبيان جوازه.
ففي الدر المنثور عن الدارقطني في غرائب مالك مسندا عن نافع قال: قال لي ابن عمر: أمسك علي المصحف يا نافع! فقرأ حتى أتى على، نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم، قال لي: تدري يا نافع فيمن نزلت هذه الآية؟ قلت: لا، قال: نزلت في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها فأعظم الناس ذلك، فأنزل الله " نسائكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " الآية، قلت له: من دبرها في قبلها قال لا إلا في دبرها.
أقول: وروي في هذا المعنى عن ابن عمر بطرق كثيرة، قال: وقال ابن عبد البر: الرواية بهذا المعنى عن ابن عمر صحيحة معروفة عنه مشهورة.
وفي الدر المنثور أيضا: أخرج ابن راهويه وأبو يعلى وابن جرير والطحاوي