استغفروا ربكم ثم توبوا إليه.
أقول: وروي مثله العياشي في تفسيره، قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لو تدومون على الحالة، إشارة إلى مقام الولاية وهو الانصراف عن الدنيا والاشراف على ما عند الله سبحانه، وقد مر شطر من الكلام فيها في البحث عن قوله تعالى: " الذين إذا أصابتهم مصيبة " البقرة - 156.
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: لولا انكم تذنبون " الخ "، إشارة إلى سر القدر، وهو انسحاب حكم أسمائه تعالى إلى مرتبة الافعال وجزئيات الحوادث بحسب ما لمفاهيم الأسماء من الاقتضائات، وسيجئ الكلام فيه في ذيل قوله تعالى: " وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم " الحجر - 21، وسائر آيات القدر، وقوله أما سمعت قول الله عز وجل: إن الله يحب التوابين " الخ "، من كلام أبى جعفر عليه السلام، والخطاب لحمران، وفيه تفسير التوبة والتطهر بالرجوع إلى الله تعالى من المعاصي وإزالة قذارات الذنوب عن النفس، ورينها عن القلب، وهذا من استفادة مراتب الحكم من حكم بعض المراتب، نظير ما ورد في قوله تعالى: " لا يمسه إلا المطهرون " الواقعة - 79، من الاستدلال به على أن علم الكتاب عند المطهرين من أهل البيت، والاستدلال على حرمة مس كتابة القرآن على غير طهارة.
وكما أن الخلقة تتنزل آخذة من الخزائن التي عند الله تعالى حتى تنتهي إلى آخر عالم المقادير على ما قال تعالى: " وان من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم " الحجر - 21، كذلك أحكام المقادير لا تتنزل الا بالمرور من منازل الحقائق فافهم ذلك، وسيجئ له زيادة توضيح في البحث عن قوله تعالى: " هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات الآية " آل عمران - 7.
ومن هنا يستأنس ما مرت إليه الإشارة: ان المراد بالتوبة والتطهر في الآية على ظاهر التنزيل هو الغسل بالماء فهو ارجاع البدن إلى الله سبحانه بإزالة القذر عنه.
ويظهر أيضا: معنى ما تقدم نقله عن تفسير القمي من قوله عليه السلام: انزل الله على إبراهيم عليه السلام الحنيفية، وهي الطهارة، وهي عشرة أشياء: خمسة في الرأس وخمسة في البدن، فاما التي في الرأس: فاخذ الشارب، واعفاء اللحى، وطم الشعر،